responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 163
والآخر: أن في البيت رواية أخرى، وهي: كأن لم (تريْ) ـ على أنه خطاب للمؤنث ـ ()، فالتاء للخطاب، والتفت من الغيبة إلى الخطاب، وعلامة الجزم فيه حذف النون؛ إذ أصله: (ترين) ().
وأما البيت الثاني فلا دليل فيه ـ أيضا ـ؛ لأن (لا) الداخلة على قوله: لا ترضاها، ليست ناهية، وإنما هي النافية، الواو واو الحال، "فيكون المعنى إذ ذاك: فطلقها غير مترضٍّ لها، ويكون قوله: (ولا تملق) جملة نهي معطوفة على جملة الأمر التي هي: (فطلق) " ()، كما يجوز أن يكون حرف العلة في البيتين للإشباع، و"إشباع الحركات حتى تنشأ هذه الحروف كثير في كلامهم " ().
ومما سبق يتبين أن البيتين يقبلان التأويل، ولو لم يقبلاه لم تقم بهما حجة، ولم يُبن عليهما قانون، ولا خولف بهما ما يقتضيه القياس؛ لأنه سماع ورد في الشعر، والشعر يكون فيه ما لا يكون في الكلام ().
وإذا بطل القول بأن ولا تخشى مجزوم تعين أن يكون مرفوعا على الاستئناف، وهو القول الذي ذهب إليه جمهور المعربين.
ثانيا: إجراء المعتل بالياء مجرى الصحيح.
وأما إجراء المعتل بالواو والياء مجرى الصحيح فهو لغة لبعض العرب ()، وقد أجاز بعض المعربين أن يُحمل عليها قوله تعالى: ... إنه من يتقي ويصبرْ ().
فقد قرأ السبعة ـ إلا ابن كثير في إحدى روايتيه ـ (): ... إنه مَنْ يتَّقِ ويصبرْ بحذف الياء من يتق، وجزم يصبر، ففيها عطفُ مجزوم على مجزوم.
وقرأ ابن كثير ـ في روايته الثانية ـ: ... إنه مَنْ يتقي ويصبرْ بإثبات الياء في يتقي، وجزم يصبرْ، واختلف المعربون في توجيهها على أقوال ثلاثة:
الأول: أن تكون من شرطية، ويتقي فعل مضارع مجزوم، والياء إشباع، وبه بدأ العكبري؛ فقال: أشبع حركة القاف، فنشأت الياء ().
ووافقه الهمذاني ـ في أحد أقواله ـ؛ فقال: أشبع الكسرة، فنشأت منها الياء، كما تنشأ الألف من الفتحة، والواو من الضمة ().
الثاني: أن تكون من موصولة، ويتقي فعل مضارع مرفوع، ويصبرْ معطوف عليه. وبه بدأ مكي؛ فقال: .. مجازه أنه جعل من بمعنى (الذي)، فرفع يتقي؛ لأنه صلة لـ من، وعطف ويصبرْ على معنى الكلام ()، ووافقه الخطيب التبريزي ()، والأنباري ـ في أحد قوليه ـ ()، وأجازه العكبري ()، والهمذاني ().
الثالث: أن تكون من شرطية، ويتقي فعل مضارع مجزوم، ولم تُحذف ياؤه، بل بقيت ساكنة؛ إجراء للمعتل مُجرى الصحيح.
وإليه ذهب أبو زرعة؛ فقال: قرأ ابن كثير: إنه من يتقي ويصبرْ بإثبات الياء، وحجته أن من العرب مَن يُجري المعتلّ مُجرى الصحيح، فيقول: زيد لم يقضي، ويقدر في الياء الحركة، فيحذفها منها، فتبقى الياء ساكنة للجزم ().
ولا حجة في ذلك؛ لأن "هذا وشبهه من النادر، وإنما يجوز في الموضع الذي سُمع ورُوِي، لا غير، ولا يجوز أن يُجعل أصلا مطردا؛ لخروجه عن القياس، وعن المتعارف في لغة العرب ().
وما ورد على هذه اللغة من شعر لا دليل فيه ()؛ لأنه من الضرائر، فلا يجوز حمل القراءة عليه ()؛ إذ ليس في القرآن ضرورة ().
والخلاصة أن إجراء المعتل مجرى الصحيح لا يجوز أن يُحمل القرآن عليه، سواء أكان معتلا بالألف أم بالياء.
والله أعلم

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست