responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1460
أظافر
ـ[عائشة]ــــــــ[02 - 08 - 2010, 07:47 ص]ـ
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

أذكُرُ أنِّي قرأتُ -قديمًا- كلامًا في تخطِئةِ: (أظافِر)، ولَيْسَ بينَ يديَّ الآنَ. ورُبَّما يعودُ أَمْرُ هذه التَّخطئةِ إلَى أنَّ المَعاجمَ المُتقدِّمةَ المعروفةَ لَمْ تُشِرْ -في مادَّة (ظفر) - إلَى هذا الجَمْعِ -في ما أعلمُ-، وأنَّ القياسَ لا يُؤيِّدُهُ -كما سيأتي-. غيرَ أنَّا نَجِدُهُ في أبياتٍ شِعريَّةٍ كثيرةٍ؛ كقَوْلِ عنترةَ بنِ شدَّاد:
بنواظِرٍ زُرْقٍ ووَجْهٍ أسودٍ ... وأظافِرٍ يُشْبِهْنَ حَدَّ المِنجَلِ
وقولِ أبي طالبٍ:
فيا لكَ مِن ناعٍ حُبيتَ بألَّةٍ ... شِراعيَّةٍ تَصْفَرُّ مِنْهَا الأظافِرُ
وقولِ الزُّبَيْرِ بنِ عبد الْمُطَّلِبِ:
ضَعِيفًا بِحَثِّ الكَأْسِ قَبْضُ بَنَانِهِ ... كَليلاً علَى وَجْهِ النَّديمِ أظافِرُهْ
وقولِ الآخَرِ:
صَعْبُ البَدِيهَةِ مَشْبُوْبٌ أظافِرُهُ ... مُواثِبٌ أهْرَتُ الشِّدْقَيْنِ نِبْرَاسُ
وقولِ غيرِهِ:
أقولُ لعبَّاسٍ وقد جَنَشَتْ لنا ... حُيَيٌّ وأفْلَتْنا فُوَيْتَ الأظافِرِ

وقَدْ ذَهَبَ بعضُ العُلماءِ إلَى أنَّ أصلَ أظافِر: أظافير؛ ولكنْ: حُذِفَتِ الياءُ. ففي شَرْحِ قولِ المُتنبِّي:
قَدْ حِرْنَ فِي بَشَرٍ فِي تَاجِهِ قَمَرٌ ... في دِرْعِهِ أسَدٌ تَدْمَى أظافِرُهُ

يقولُ أبو العلاءِ المعرِّيُّ: (والأظافِرُ: جَمْعٌ، وأصلُها: الأظافير، فحذفَ الياءَ، وهو جَمْعُ أُظْفُور، بمعنى الظُّفر، أو جَمْعُ أظفار؛ فهي إذَنْ جَمْع الجَمْعِ؛ لأنَّ أظفارًا جَمْعُ ظُفر) انتهى.

وفي الشَّرْحِ المنسوبِ إلى العُكبَريِّ: (أظافِرُه: أرادَ: أظافيره، فاكتفَى بالكسرةِ من الياءِ، وهو جَمْعُ أُظْفُور، وأظفار) انتهى.

ذلكَ أنَّ (حَرْفَ اللِّينِ إذا ثَبَتَ رَابعًا في الواحدِ؛ ثَبَتَ في الجَميعِ، وكانَ ياءً، إلا أن يُضْطَرَّ إليه شاعرٌ)؛ قالَهُ ابنُ سِيدَهْ في مقدِّمةِ «المُحْكَمِ». ولذا: كانَ القياسُ في جَمْعِ: (أُفْعُول)، و (أَفْعال): أن يكونا علَى (أفاعِيل) -بإثباتِ الياء-، لا علَى (أفاعِل)؛ ولذا: حَكَموا بأنَّ الياءَ محذوفةٌ.

والعَرَبُ تَفْعَلُ هذا؛ يقولُ ابنُ جنِّيْ في «سرِّ الصِّناعةِ»: (ورُبَّما عكستِ العربُ هذا، فحذفتِ الياءَ في غيرِ موضعِ الحَذْفِ، واكتفَتْ بالكسرةِ مِنْها؛ قالَ:
* والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا *
يُريدُ: العَطامِيس، وهذا مِنْ أبياتِ «الكتابِ».
ومثله:
* وغيرُ سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحَامِمِ *
يُريدُ: يحاميم، جمع يَحْمُوم، وهو الأسودُ.
ومن أبياتِهِ -أيضًا-:
* وكحلَ العَيْنَيْنِ بالعَوَاوِرِ *
يُريدُ: العَواوير، وهو جَمْعُ عُوَّار، وهو الرمد.
وقال أبو طالبٍ:
تَرَى الوَدْعَ فيها والرخامَ وزينةً ... بأعناقِها معقودةً كالعَثَاكِلِ
يريد: العثاكيل.
وقال عبيدُ اللهِ بن الحُرِّ:
وبُدِّلْتُ بعدَ الزَّعْفَرانِ وطِيبِهِ ... صَدَا الدِّرْعِ من مُسْتَحْكَمَاتِ المَسامِرِ
يُريد: المسامير) انتهى.

وقالَ الزَّمخشريُّ في «كشَّافِهِ»: (وقُرِئَ [أَنَاسِي] بالتَّخفيفِ، بحَذْفِ ياءِ (أفاعيل)، كقولكَ: أناعِم، في أناعِيم) انتهى.

وقالَ ابنُ يعيشٍ في «شَرْحِ المُفصَّلِ»: (وقالَ أبو عَمْرو بن العَلاء: قد يكونُ أساوِر جَمْع إِسْوار. فعلَى هذا لا يكونُ من جَمْعِ الجَمْعِ، ويكون أصلُهُ أساوِير، وحُذِفَتِ الياءُ تخفيفًا، علَى حدِّ حَذْفِها في العَوَاوِر) انتهى.

ومِنَ العُلماءِ مَن لَمْ يُشِرْ إلَى أنَّ أصلَ أظافِر: أظافير؛ يقولُ الواحديُّ -في «شَرْحِ ديوانِ المُتنبِّي» -: (والأظافرُ: جَمْعُ أظْفَار) انتهى. وقالَ أبو حيَّان الأندلسيُّ في «البحر المحيط»: (وجَمْعُ أُظْفور: أظافير، وأظافِر). وشَرَحَهُ تلميذُهُ السَّمينُ الحلبيُّ، فقال في «الدُّرِّ المصونِ»: (وجَمْعُ أُظْفور: أظافِير، وهو القِياسُ، وأظافِر -مِنْ غَيْرِ مَدٍّ-، وليس بقياسٍ) انتهى.

ولعلَّ هؤلاءِ اعتمَدوا علَى ما سُمِعَ عنِ العَرَبِ. وقد ذَكَرَ أبو جعفرٍ النَّحَّاسُ أنَّ الفرَّاءَ حَكَى هذا الجَمْعَ؛ يقولُ في كتابِهِ «إعرابِ القرآنِ»: (وحَكَى الفرَّاءُ في الجمعِ: أظافير، وأظافِرَة، وأظافِر، وأظفارًا) انتهى. و (قَدْ نُقِلَ في جَمْعِ مِصْباح: مَصَابِح، وفي جَمْعِ مِحْرَاب: محَارِب، وفي جَمْعِ قُرقور: قراقِر)؛ قاله السَّمينُ في «دُرِّهِ».

فاللَّفظةُ -إذَنْ- صحيحةٌ، جاءَتْ بها الشَّواهدُ، ولَمْ تَخْرُجْ عن طرائقِ العَرَبِ في كلامِها.

واللهُ تعالَى أعلمُ.

عائشة

ـ[فهد الخلف]ــــــــ[02 - 08 - 2010, 09:10 م]ـ
أستاذتي الفاضلة عائشة
جزاك الله خيرا على هذا التأصيل العلمي العميق الذي يدل على اطلاع واسع في مختلف علوم العربية.

ـ[عائشة]ــــــــ[03 - 08 - 2010, 02:42 م]ـ
الأُستاذ/ فهد الخلف
جزاكَ اللهُ خيرًا علَى تشجيعكَ الطيِّب لمبتدئةٍ مثلي.

الأُستاذ/ أبا العبَّاس
أشكرُ لكَ تفضُّلكَ بقراءةِ الموضوعِ.

وأرجو مِنَ الأساتذةِ النَّحويِّينَ ألاَّ يبخَلوا بآرائهم، وتوجيهاتهم.
¥

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1460
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست