وكُنَّا نَسمعُ ونَقرأُ في كَلامِ النَّاسِ الآنَ ـ خاصَّتِهم وعامَّتِهم ـ قولُهم: لَه عليَّ أفضالٌ كثيرةٌ، ولَن أَنسى أَفضالَهُ، ونحوُ هَـ?ذا، فيَجمَعون (الفَضْلَ) على (أَفضالٍ)، بل إنَّ بعضَهم يَضبِطُ ما جاءَ منه في الشِّعرِ القَديمِ كذَلك بفَتحِ الهَمزةِ، يَقينًا مِنهُم بأنَّه جمعٌ لـ (فَضْلٍ) وهَـ?ذا خَطأٌ، ولَا أَصلَ لَه لِأَمرَينِ:
* الأَوَّلُ: أنَّه غيرُ مَسمُوعٍ ولا مَروِي في كَلامِ العَربِ وأَشعَارِها.
* والثَّاني: أنَّ جَمعَ (فَعْلٍ) على (أَفعَالٍ) خَارِجٌ عَن القِياسِ، والأمثلَةُ الَّتي جَاءَت منهُ مَسموعةٌ ومَحصورةٌ، مِثل: (حَبرٌ) و (أَحبارٌ) و (زَندٌ) و (أَزنَادٌ) و (فَرخٌ) و (أَفراخٌ) إلى آخرِ ما ذَكروهُ، ولم يعُدُّوا مِن أمثلتِه (فَضْلًا) و (أَفضَالًا).
وذَكرَ ابنُ الشَّجريِّ أنَّ القياسَ في جَمعِ (فَعْلٍ): (فُعُولٌ) نَحْوُ: (فَنٌّ) و (فُنونٌ) و (صَكٌّ) و (صُكوكٌ)، وعلى ذَلك يكونُ قِياسُ جَمعِ (فَضْلٍ) على (فُضُول) كَما ذَكرَتْ كُتبُ اللُّغةِ» اهـ
رُوِيَ: وَشِيكُ الفُضُولِ» اهـ
وجاءَ فيه (11/ 194): «وسُمِّيَ (حِلفُ الفُضُولِ)؛ لأنَّه قام به رِجالٌ مِن جُرهُم كُلُّهم يُسمَّى (الفَضل): الفَضلُ بنُ الحـ?رِث، والفَضلُ بنُ وَداعَةَ، والفَضلُ بن فَضَالةَ، فقيل: (حِلفُ الفُضولِ)؛ جمعًا لأسماءِ هؤلاءِ، كما يُقالُ: سَعدٌ وسُعودٌ» اهـ
فاقْتصرَ على جَمعِ (فَضلٍ) على (فُضولٍ) ولم يَذكُر أنَّه يُجمَعُ على (أَفضالٍ).
*********
قالَ الطَّناحيُّ رحمه الله تعالى (2/ 555):
«ولقد امْتدَّ هذا الوَهَمُ إلى ضَبطِ الشِّعرِ في دَواوينِ الشُّعراءِ وكُتبِ الأَدبِ، فَرأَينَا مَن يَضبِطُ (الإِفضَالَ) في القَوافي وفي أَثناءِ الشِّعر بفَتحِ الهمزةِ، توهُّمًا أنَّه جمعُ (فَضلٍ) كما سَبقَ.
وحقُّ ما جاء في ذَلك البِناءِ أنْ يَكونَ بكَسرِ الهمزَةِ (الإِفضَالُ) ـ وهُو الإحسَانُ ـ على المصدريَّةِ مِن الفِعلِ الرُّباعيِّ. قالَ في اللِّسانِ: «وأَفضلَ الرَّجلُ على فُلانٍ وتفضَّلَ بمعنَى: أَنالَه مِن فَضلِه وأَحسنَ إليهِ».
فحَيثُما وجدتَ هذا البِنَاءَ في شِعرٍ أو نَثرٍ، فاقْرَأهُ واضْبِطْهُ بكَسرِ الهمزَةِ ليسَ غَيرُ، ولا تغترَّ بما تجدُه في مِثلِ شِعرِ الرَّضِيِّ: