اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1164
لم لا يكون لفظ الجلالة في كلمة التوحيد بدلاً من الخبر المحذوف؟
ـ[أبو راكان فهد]ــــــــ[04 - 09 - 2011, 07:32 ص]ـ
السلام عليكم
سؤال موجّه إلى العالمين الفاضلين فيصل المنصور وعائشة - حفظهما الله -:
يقول المعربون في إعراب (لا إله إلا الله) إن أحد وجوه إعراب لفظ الجلالة (الله) هو بدل من الضمير المستكن (المستتر) في خبر لا النافية للجنس وليس بدلاً من الخبر نفسه.
ما السبب في عد لفظ الجلالة بدلاً من الضمير المستتر في الخبر وليس من الخبر نفسه؟
وجزاكم الله خيراً.
ـ[عَرف العَبيرِ]ــــــــ[04 - 09 - 2011, 09:31 ص]ـ
الحمد لله وبعد:
البدلُ على نيَّة تَكرار العاملِ، فإنْ جعلتَ اسم الجلالة (الله) بدلا من الخبر المحذوف، كان التقدير (لا إله الله)، وهذا خطأٌ مِنْ جهة أنَّ الإخبارَ بالمعرفةِ عن النكرة ممتنع في نحو هذا، مع فساد المعنى.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[05 - 09 - 2011, 01:00 ص]ـ
وعليكم السلام، ورحمة الله، وبركاته،
إنما امتنعَ أن يكون لفظ الجلالة (الله) بدَلاًَ مِن الخبَر المحذوفِ لأنَّ عامِل البدَل هو عامِل المبدَل منه على الصحيح، وهو (لا) النافية للجنسِ، و (لا) النافية للجنس لا تعمَلُ إلا في النكِراتِ.
وقد أفردَ بعضُ العلماءِ هذه المسألةَ برسائلَ مستقِلَّةٍ، وفصَّلوا القولَ فيها، كالزمخشريِّ (ت 538 هـ)، وابن هشام (ت 761 هـ)، والزركشيِّ (ت 794 هـ)، وغيرِهم. وكلُّها مَطبوعٌ. ويمكنك أيضًا أن ترجِع إلى (تمهيد القواعد) لناظر الجيش (ت 778 هـ)، فقد أطالَ في بيانِ أوجهِ إعرابِها في (باب لا العاملة عمل إن).
كان التقدير (لا إله الله)، وهذا خطأٌ مِنْ جهة أنَّ الإخبارَ بالمعرفةِ عن النكرة ممتنع في نحو هذا، مع فساد المعنى.
ليس في ذلك فسادٌ في المعنَى، لأن تأويلَ الجملةِ بعدَ الإبدال (لا إله إلا اللهُ)، وليست (لا إله اللهُ)، لأنَّ الشيءَ قد يُبدَل من نقيضِه كما يوصَف بنقيضِه، ويجِب حينَ إذٍ أن يستصحَب معه الحرفُ الذي بهِ استحالَ المعنَى إلى الضدِّ عندَ التقدير، فمِثالُ البدَل من النقيض قولُك: (ما جاءٌ أحدٌ إلا زيدٌ)، فـ (أحدٌ) منتفٍ عنه المجيءُ، و (زيدٌ) ثابِت له المجيء، وهو مع ذلك بدَلٌ منه، فلو قدَّرتَ البدلَ بإسقاطِ (إلا) فقلتَ: (ما جاءَ زيدٌ) كما قدَّرتَه في (لا إله إلا الله) بقولِك: (لا إله اللهُ)، لفسَدَ المعنَى. ومِثالُ الوصفِ بالنقيضِ قولُك: (مررتُ برجلٍ لا كريمٍ، ولا شجاعٍ)، فلو قدَّرتَ الوصفَ بإسقاطِ (لا)، لانقلبَ المعنَى إلى الضدِّ، فكنتَ تثبِت له الكرمَ، والشجاعةَ.
ـ[أبو راكان فهد]ــــــــ[12 - 09 - 2011, 03:12 م]ـ
السلام عليكم
سؤال موجّه إلى أستاذنا القدير فيصل المنصور:
السؤال هو: قد ورد في مشاركتكم السابقة ما نصّه
"لأنَّ الشيءَ قد يُبدَل من نقيضِه كما يوصَف بنقيضِه" وقد استوقفني تقريرك ل "أنّ الشيءَ قد يوصف بنقيضه" لأنه مخالف لرأي الشيخ خالد الأزهريّ في كتابه " التصريح بمضمون التوضيح " ج1، ص584 (ت: عبد الفتاح بحيري إبراهيم) عند شرحه لكلام ابن هشام حول تعدد الخبر حيث قرّر" امتناع وصف الشيء بمناقضه " هل هناك تعارض بين الرأيين أو أنه يمكن الجمع بين القولين؟
وجزاك الله خيراً.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[12 - 09 - 2011, 06:47 م]ـ
وعليكم السلام.
كلامُه صحيحٌ، وكلامي صحيحٌ إن شاء الله.
فالذي أردتُّه من قولي: (إن الشيءَ قد يوصَف بنقيضِه) أن أبيِّنَ منزِلةَ الحروفِ التي تدخُل على التوابعِ، فتقلِب معناها إلى الضدِّ، وأنَّه لا يَجوز أن تسقُط في التقدير، وإن كانَت ساقِطةً في الإعرابِ، ألا ترَى أنَّك إذا قلتَ: (مررت برجلٍ لا كريمٍ، ولا شجاعٍ)، فإنَّك تعرب (كريم)، و (شجاع) نعوتًا لـ (رجل) معَ أنَّه عارٍ منها، وليسَ متحلِّيًا بها، كما أنك تعرِب (زيد) في (ما جاء أحدٌ إلا زيدٌ) بدَلاً من (أحد) معَ أنَّه مخالِف له في النفي، والإثباتِ، فـ (أحد) منفيّ عنه المجيء، و (زيد) مثبَت له المجيء. وكما تعرِب أيضًا (عَمْر) في قولِك: (ماقام زيدٌ لكن عَمْر) معطوفًا علَى (زيدٌ)، وهو مخالفُه من هذه الجهة.
وإذن فقد يكون التابِع على خلافِ المتبوعِ في الإثباتِ، والنفيِ، ومعَ ذلك تعربُه بحسَب نوعِه، فتقولُ في (مررت برجل لا كريم، ولا شجاع): (كريم: نعتٌ لرجلٍ مجرور مثله) معَ أنَّ (الرجل) في الحقيقة منفيٌّ عنه الكرم، فلولا أنَّك اعتبرتَ (لا) في المعنَى، كما اعتبرتَ (إلا)، و (لكن)، وغيرَهنَّ، لما صحَّ ذلك. وإنما نبَّهتُ على هذا لأن من الناسِ مَن يَظنُّ مثَلاً أن مقتضَى إعرابِ (زيد) بدَلاً من (أحد) في قولِك: (ما جاءَ أحد إلا زيدٌ) أنك تقدِّرُه (ما جاءَ زيدٌ)، فأردتَّ أن أبيِّن أن (زيد)، وإن كان بدلاً من (أحد)، فلا بُدَّ من استصحابِ (إلا) معه عند تقديرِ المعنَى، وإن كانَت البدليةُ قصْرًا على (زيد) دونَ (إلا)، على خلافِ قولِك: (جاءَ زيدٌ أخوك)، فإنك تبدِل كلمةً مكانَ كلمةٍ من غيرِ استصحابِ حرفٍ، ثمَّ استشهدتُّ لمخالفةِ البدَلِ المبدَلَ منه في النفي، والإثبات بالنَّعتِ، فإنه ربَّما كانَ ضِدَّ المنعوت، فلولا استصحابُك (لا) في التقدير، ومراعاتُها، لما ساغَ ذلك، فلو قلتَ مثَلاً: (الرمان حلوٌ حامضٌ)، وجعلتَ (حامض) نعتًا لـ (حلو)، لامتنع ذلك، لأنَّهما متناقِضان في المعنَى كما قال الأزهريّ، وإن كانَ في هذا نظَرٌ، على خلافِ (مررتُ برجلٍ لا كريمٍ، ولا شجاعٍ)، فإنه مناقِضٌ في النفي، والإثباتِ، وليس في المعنَى.
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1164