اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 104
العدول عن أصل الرتبة المعنوية
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[27 - 04 - 2014, 10:11 م]ـ
العدول عن أصل الرتبة المعنوية
يتحدث الإنسان تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا في الأصل وفي العدول عن الأصل، كما نرى في الأمثلة التالية، حيث يتم العدول عن أصل الرتبة البلاغية:
أ- بالضابط المعنوي
1 - تقديم وقت الراحة على وقت السرح
قال تعالى"ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون"
قوله تعالى"ولكم فيها جمال" يترتب من العام إلى الخاص من أجل أن تتصل كلمة "جمال" بما يرتبط بها معنويا وهو قوله تعالى "حين تريحون "وذلك لأن الجمال وقت الراحة أوضح وأظهر منه وقت السرح، كما تم تقديم وقت الراحة على وقت االسرح عدولا عن الأصل من أجل هذه الغاية، وهو الاحتياج المعنوي، وترتبت ألفاظ الآية الكريمة بحسب قوة العلاقة المعنوية، فاللغة تقوم على الاحتياج المعنوي وعلامات المنزلة والمكانة المانعة للبس.
2 - تقديم الشكر على الإيمان
قال تعالى" ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ....... (النساء 147) الأصل أن يكون الإيمان قبل الشكر، لأن الخاص قبل العام، ولكن قوله تعالى"إن شكرتم وآمنتم"يترتب من العام إلى الخاص، عدولا عن الأصل بسبب الأهمية المعنوية، أو الاحتياج المعنوي، لأن قبله استفهام تعجبي، والمعنى: كيف يعذبكم الله خاصة إذا شكرتم بعد إيمانكم، فالعذاب مستبعد لأنكم زدتم الشكر على الإيمان، ولو أنكم آمنتم ولم تشكروا فقد يقع العذاب عليكم، أما مع الشكر فلا، لأن الإيمان هو: ما وقر في القلب وصدَّقه العمل، والاحتياج المعنوي واضح بين أجزاء التركيب، والكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل.
ب- بالضابط اللفظي
1 - قال تعالى"آمنا برب هارون وموسى " بتقديم هارون مع أن موسى أحق بالتقديم معنويا وبالفضل والشرف، ولكن تم العدول عن الأصل وتم تقديم هارون بالضابط اللفظي من أجل تناسب الفواصل.
2 - قال تعالى:"ثم دنا فتدلى" والتدلِّي متقدم على الدنو بالزمن والطبع والسبب، ولكن تمت إعادة توزيع الرتبة بالضابط اللفظي لتناسب الفواصل.
3 - وقال تعالى"وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما*ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما *،قدم الظلم على الهضم بالضابط اللفظي من أجل التنويع في الفاصلة، عدولا عن الأصل، لأن الظلم منع للحق من أصله والهضم منع له من وجه كالتطفيف فكان يناسبه تقديم الهضم، ولكن تمت إعادة توزيع الرتبة بالضابط اللفظي ليترتب الكلام من العام إلى الخاص.
4 - وقال تعالى: فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " الأولى متقدمة على الآخرة بالزمن والطبع والسبب، ولكن عدل عن ذلك بالضابط اللفظي وهو تساوي الفواصل.
5 - وقال سحيم عبد بني الحسحاس:
عميرة ودع إن تجهزت غازيا//كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فقال له سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-لو قدمت الإسلام على الشيب لأجزتك لأنه الأهم في الذكر، ولكن الشاعر عدل عن ذلك بالضابط اللفظي من أجل الوزن.
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 104