اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 102
الأهمية المعنوية في حديث الأنبياء عليهم السلام
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[28 - 04 - 2014, 06:54 م]ـ
الأهمية المعنوية في حديث الأنبياء عليهم السلام
(1)
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أفصح العرب لكونه من قريش التي اختارت أبلغ وأفصح كلام العرب واتخذته لغة لها، ولكونه تربى في جوف البادية عند بني سعد، ولهذا ابتعد عن الخطأ في الكلام، فنبينا الأمي -عليه الصلاة والسلام - لم يتلق ثقافة نحوية، ولم يقرأ الكتاب أو الأصول أو الألفية، بل سمع كلام العرب وشعرهم ونثرهم وحكمتهم وأمثالهم ..... فصار أفصح الناس، والحديث النبوي الشريف يشهد على ذلك، والحديث النبوي الشريف يقوم على الأهمية المعنوية والاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس، يقول - صلى الله عليه وسلم:"خيرُكم من تعلم القرآنَ وعلَّمه " فقد جاء بالمبتدأ وأعطى له علامة المنزلة والمكانة التي يستحقها، وهي علامة أمن اللبس، وأضافه إلى ضمير الجماعة، ثم جاء بالخبر الاسم الموصول، لأن المبتدأ بحاجة إلى الخبر، ثم جاء بصلة الموصول التي تتم معناه وهي الجملة الفعلية، ثم جاء بمفعول الفعل "تعلَّم "وقدمه على المعطوف لأن حاجة الفعل للمفعول أشد من حاجته للمعطوف، ولأن الفعل يدل على المفعول ولا يدل على المعطوف، ولهذا تقدم المفعول بحسب الاحتياج المعنوي، ثم جاء بالمعطوف، ومثل ذلك قوله: إنما بُعِثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ"، والأهمية المعنوية والاحتياج المعنوي واضح بين أجزاء التراكيب "ويقول - صلى الله عليه وسلم - عندما صعد أحدا مع أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان" فقدَّم النبي على الصديق على الشهيد بالأهمية المعنوية والفضل والشرف، وقدَّم الخبربالأهمية المعنوية على المبتدأ عدولا عن الأصل لأن المبتدأ نكرة، ولأمن اللبس، ولتتصل المتعاطفات بعضها مع بعض، فالنبي الكريم كان يتكلم تحت رعاية الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس، وهكذا نطق سيدنا اسماعيل عليه السلام، وهو أول من تكلم بالعربية كما يقول الجاحظ.
(2)
سيدنا عيسى عليه السلام
الحقَّ الحقَّ أقولُ لكم
هذه الجملة من أقوال سيدنا المسيح عليه السلام لأتباعه وتلاميذه، وهي جملة يتكرر ويتقدم فيها المفعول لإفادة التخصيص، حيث الاهتمام منصبّ على أحقية وصوابية الكلام الذي يقوله لهم، ويُنصب المفعول قبل مجيء الفعل، ليجعله مطلوبا للفعل القادم، كما هو الحال في اللغة العربية، وهذا يعني أن المتكلم حين يحرك شفتيه فإنه يمارس عملية اختيار على صعيد المعنى ناتجة عن التفكير فيما يقول، فيقول وهو يفكر، ويفكر وهو يقول، رابطا بين أجزاء التركيب برباط الاحتياج المعنوي سواء أتقدم الكلام أم تأخر، فالمسيح عليه السلام أراد أن تكون كلمة الحق مفعولا للفعل الذي سيأتي، وكان باستطاعته أن يرفع كلمة الحق لتكون مبتدأ محتاجا للخبر، بدلا من نصبه مفعولا به مطلوبا من قِبل الفعل القادم.
فالسريانية أو الآرامية تتشابه في نحوها مع اللغة العربية، وهذا يؤكد وجود نحو عالمي يقوم على الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس. وبإمكاننا أن نصوغ الجملة السابقة باللغة الإنجليزية، فنقول:
The truth the truth i tell you
ويمكن أن نصوغها بالتركيز على المبتدأ فنقول:
I tell you the truth the truth
ونلاحظ هنا وجود الاحتياج المعنوي بين أجزاء التراكيب سواء أتقدم الكلام أم تأخر. فاللغة تقوم على الاحتياج المعنوي، والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 102