responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول الدعوة وطرقها 4 المؤلف : جامعة المدينة العالمية    الجزء : 1  صفحة : 471
ربما يدعى ويطلب الإمارة، فلقي أعداؤه عليه طريقًا من ذلك، فحسنوا للأمراء حبسه لسد تلك المسالك.
وقد ذكر صاحب (الكواكب الدرية) أن الشيخ لما سجن بمصر بحبس القضاة بحارة الديلم، صار الحبس بالاشتغال بالعلم والدين خيرًا من كثير من الزوايا والمدارس، وصار خلق من المحابيس إذا أطلقوا يختارون الإقامة عنده، وكثر المترددون إليه حتى صار السجن يمتلئ منهم، ولما ورد أمر بسجنه بقلعة دمشق أظهر السرور بذلك، وقال: إني كنت منتظرًا ذلك، وهذا فيه خير عظيم.
ونقل عنه وارث علومه العلامة ابن القيم -رحمه الله الذي حبس بقلعة دمشق معه- نقل عنه في كتابه (الكلم الطيب) أنه قال: ما يصنع أعدائي بي، أنا جنتي وبستاني في صدري أين رحت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وكان يقول في مجلسه في القلعة: لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبًا ما عدل عندي شكر هذه النعمة أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا إلي فيه من الخير أو نحو هذا، وكان يقول في سجوده وهو محبوس: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، يقول هذا ما شاء الله أن يقول، ثم قال ابن القيم بأن شيخه ابن تيمية قال له ذات مرة: المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه.
ولما أدخل ووصل إلى القلعة وصار داخل سورها، نظر إليه وقال: فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب -وعلم الله- ما رأيت أحدًا أطيب عيشًا منه قط -مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرجاف- وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشًا وأشرحهم صدرًا وأقواهم قلبًا وأسرهم نفسًا تلوح

اسم الکتاب : أصول الدعوة وطرقها 4 المؤلف : جامعة المدينة العالمية    الجزء : 1  صفحة : 471
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست