فعليك أن تجتهد في العمل، وأن تحمد الله الذي هداك ووفقك كما هو حال أهل الجنة بعد دخولها، كما حكى عنهم رب العالمين سبحانه: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (الأعراف: 43)، ولقد كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَعملون في الخندق في غزوة الأحزاب، وهم يقولون: ((اللهم لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا)). وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يردد ذلك معهم.
ثانيًا: على الداعية أن يَعْلَم أنه إذا تمادَى في العجب واستمر عليه فإنه يتدرج في الكبر لا محالة، ولا يخفى أن الكبر هو من أعظم الآفات النفسية التي تحلق الدين، وتَقْتُل المروءة وتميع الشخصية وتدخل صاحبها النار.
ثالثًا: على الداعية حين يخْلُو بعد مضي العمل لنفسه يسائلها ويقول: هل وقعتِ يا نفسُ في آفة العجب في قول أو فعل؟ هل أخذك الغرور في علم أو جاه؟ هل داخلك الزهو في إصلاح أو هداية؟ هل كذا؟ هل كذا؟ فإنْ وَجَدَ في نفسه شيئًا بعد هذه المُسائلة والمُحاسبة فليتب إلى الله -عز وجل- وليَنْدَم على ما فعل، وليُعاهد الله على أن لا يعود، والله سبحانه يتقبل من التائبين المستغفرين.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجنبنا جميعًا العجبَ ومداخلَه المفضية إلى الكبر.
من الآفات التي تصيب بعض الدعاة: "الغرور"
وهو أن يُلَبّس الإنسان على نفسه الحقائق، ويُريها الأمور على خلاف ما هي عليه، ويُعطيها من المقام الأرفع والمنزلة العُليا ما لا تستحقه، وهو يحسب أنه بذلك يحسن صنعًا. وما ذاك إلا لضعف في البصيرة، وجهل بمكائد الشيطان، واستشراف للأنانية، وعدم الاكتراث بأقدار الناس، والتمادي في الهوى ونزعات النفس الأمارة.