أما علاج العجب فهو كما يلي:
أولًا: على الداعية أن يعلم أن الله -عز وجل- هو المنعم عليه بوجوده في الحياة أولًا وأصلًا وأساسًا. ثم بمنحه القدرة والذكاء والعلم والمعرفة، والصحة والجمال، والغِنى والجاه، والتوفيق والهداية؛ فلا معنى لئن يُعْجَب الدّاعِيَةُ بقوته وذكائه، ولا بعلمه ومعرفته، ولا بأثره وتأثيره، ولا بغناه وجاهه، إذ كل ذلك من فضل الله عليه وتوفيق الله إياه؛ فإن سلبه العقل؛ فكيف يتعلم ويتفقه؟ وإن سلبه الصحة والقدرة فكيف يتحرك ويعمل؟ وإن سلبه التوفيق والهداية فكيف يصلح ويغير؟
فعلى الداعية إذًا: أن لّا ينسب شيئًا من الفضل والخير إلى نفسه، بل ينسبه إلى مسببه وموجبه وهو الله -عز وجل- إنّ الله -تبارك وتعالى- قال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} (الأنعام: 46)، وقال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} (الشورى: 24).
فإذا أعجبت بخطبة خطبتها، أو محاضرة ألقيتها؛ فاحمد الله على توفيقه، وتذكر فإن يشأ الله أن يختم على قلبك، ولا شَكّ أنك إن صدقتَ نفسك ستذكر أنك كثيرًا ما قمت على المنبر، وقد حضرت خطبتك وحفظتها وراجعتها وتدارستها وذاكرتها، ثم لم تجد منها شيئًا على المنبر، كل ذلك من قلة التوفيق؛ إذًا فإذا وفقت فاعلم أن ذلك من الله، فانسب الفضل إلى أهله، واحمد الله -عز وجل- عليه.
والرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي هُو القدوة لأمته؛ كان يُقَرّر أنّ العبدَ مهما سَمَا عملُه الصالح، لا يَدْخُل الجنة أبدًا بعمله، بل بفضل الله تعالى ورحمته؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل)).