التطبيق، ويتحقق له بذلك كله اقتناع السامع تلقائيًّا دون إملاء بسداد ما شرع الله، وتلك هي غاية غايات الداعية.
والمحاضرة بالنسبة للداعية تفترق عن درسه في أن لموضوعها عنوانًا يدل عليه، والدرس موضوعه عادةً آية كريمة أو حديث نبوي، ذلك إلى أن الخط العلمي في المحاضرة أبين منه في الدرس، فإن المحاضر إذ يعود من شتى المصادر يجد نفسه مكلفًا بتصفية ما حصَّل من معلومات، وجمع ما استخلصه من قواعدَ وأحكام عامة، ثم يرتبه في نسق يربط المقدمات بالنتائج، ويؤلف من الأشباه والنظائر باقة منسقة المنطق. وقد يكون موضوعه اجتماعيًّا أو اقتصاديًّا أو سياسيًّا، كما قد يكون من شئون المعتقدات والعبادة، فيلتزم فيه هذا الخط العلمي الذي تنتظم فيه عناصر البحث وأحكامه العامة في منطق تتكامل فيه وحدة الموضوع.
أما الدرس فالعناية به تتركز حول تجميع الخواطر على محور معنى الآية أو الحديث، واستدعاء الآيات والأحاديث ذات الصلة بهذا المحور، مع الإشارة إلى نماذج للسلوك الشعبي التي تتصل سلبًا أو إيجابًا بلب الدرس، ومن ثم يكون لكل من الدرس والمحاضرة طابعه كما أن لكل منهما مقامه.
كيف يعد المحاضر محاضرته:
على مَن أراد إلقاء المحاضرة أن يختار موضوعها من صميم ما تجري به الحياة، وهذا يقتضي الداعية أن يكون متصلًا بهذه الدنيا، منفعلًا بما يجري فيها من خير وشر، وحلو ومر، ومعروف ومنكر، فما كان من صالح رضي به وحمد الله عليه، وما كان من فاسد قام له وأخذ في علاجه وتغييره بوسائله الحكيمة، وموعظته الحسنة. ومعنى هذا: أن الداعية يختار موضوعه مما يعرض