والله آن لك أن تفتي " (مناقب الشافعي للبيهقي) ، وتنقل الشافعي بين مكة والمدينة وبهر الناس بعلمه بالقرآن وبراعته في الفقه وحذقه بالسنة، وحلاوة منطقه وسلامته حيث لم تؤخذ عليه لحنة قط، حتى أن رجلاً كالإمام أحمد يدخل المسجد الحرام فيجلس إليه في درسه فيأتيه محفوظ بن أبي توبة البغدادي فيقول له: يا أبا عبد الله! هذا سفيان بن عيينة في ناحية المسجد يحدث. فيقول له أحمد: إن هذا يفوت وذاك لا يفوت.
وطوف الإمام الشافعي ببلاد العالم الإسلامي، فسافر إلى العراق وناظر تلاميذ الإمام أبي حنيفة كمحمد بن الحسن الشيباني وزفر وذكروا أنهما رجعا عن ثلث مذهب الإمام أبي حنيفة إلى اجتهاد الإمام الشافعي ورأيه. وبذلك تعلم أن الأئمة رحمهم الله وتلامذتهم كانوا طلاب حق لا طلاب تقليد.
وأحب الإمام أحمد بن حنبل قرينه وأستاذه الإمام الشافعي حباً عظيماً ولم يسلما من خلاف في بعض الآراء الفقهية كخلافهم في حكم تارك الصلاة، وحكم العائد في هبته، وتناظرا في مسائل كثيرة واستفاد الإمام الشافعي من صحبة الإمام أحمد كثيراً من الأحاديث الصحيحة، وكان الشافعي يقول له: " أنت أعلم بالحديث مني فما صح عندك فأخبرنا به لنعمل بمقتضاه " (ابن عبد البر في الانتقاء ص75) ، ثم سافر الإمام الشافعي رحمه الله إلى مصر واستقر