ومبتدعون بالدعوة إلى الاجتهاد ويزعمون أن الأئمة الأربعة قد كفوا الناس مؤونة الاجتهاد فما من حكم إلا وقد دونوه وتكلموا فيه، وما هذا الداعي إلى الاجتهاد إلا مفتر على الأئمة كاره لهم، وبذلك ثوروا العامة على العلماء المخلصين والدعاة الهادين المهديين، ويكفي عند عامة الناس أن يقال أن فلاناً يكره الأئمة الأربعة أو ينتقص من شأنهم حتى يقوموا في وجهه من غير ترو ولا فهم ويرموه بكل نقيصة، وبذلك ينصرف الناس عن دعوته ويسلم لأهل السياسة ما أرادوا ولعلماء السوء ما وسعوا. والعجب أن الفرية إذا تناقلتها الألسن قد يقع فيها الصالحون من الناس وبغفلة منهم وظن أن العدد الكثير من الناس لا يقع في خطأ وبذلك يعظم تصديق الفرية لرؤية بعض الصالحين يقول بها، وقد يكون قوله بها ما كان إلا غفلة وتهاوناً.
المهم أن أصحاب النوايا السيئة لا يعدمون كذباً وافتراء ولا ينفكون عن الرمي بالعقبات التي تحول دون استرداد الأمة لعافيتها التشريعية والإيمانية والعلمية. ولن يكون ذلك إلا بعلماء عاملين مجتهدين، وبعامة واعية تطالب علماءها بالدليل والحجة وتسير خلفهم ببصيرة ووعي وبذلك يضيق الخناق على أهل الباطل وينكشف أهل السوء الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب وليس من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله، ويلبسون للناس الحق بالباطل، ويكتمون ما أنزل