توجيههم وإرشادهم، ولكن السياسة أهملتهم بل واحتقرتهم وازدرتهم، فهانوا على الناس ثم هانوا على أنفسهم وانشغلوا بتحصيل العيش. وانصرف الناس عنهم وجمدت بذلك عجلة الاجتهاد وهذه أولى مشكلاتنا ولا حل لها إلا برواد مخلصين من علماء الشريعة يهبطون إلى ميدان الدعوة ويصارعون الباطل بالحق والسياسة المنحرفة بالسياسة الشرعية، وذلك حتى تعلو كلمة الحق على كلمة الباطل، وفي جهادهم هذا وسعيهم هذا سيضطرون إلى الاجتهاد لمعرفة حكم الله في مشكلاتهم الحادثة، وبذلك يروج سوق الشريعة فهماً وعملاً وتطبيقاً واستنباطاً.
ثانياً: عندما انفصل الحكم عن الإسلام، وأصبح الحكم دنيوياً جبرياً يسعى أصحابه للبقاء فيه بكل وسيلة، ويسترضون الناس بكل طريق، ويبطشون بأعدائهم في غير رحمة، وكان مع ذلك سواد الشعب مسلمين يحبون الإسلام وإن كانوا يجهلونه فإن كل حاكم عمد إلى استئناس طائفة من أهل العلم بالشريعة فسلمهم مناصب دينية في دولته وسلطهم حرباً على كل داع بحق إلى نهضة إسلامية ترجع الشريعة إلى نصاب الحكم والحاكم إلى ميزان العدل. وعمد هؤلاء المستأنسون إلى حرب الداعين إلى الإسلام بحق فلم يجدوا من فرية يلصقونها بهم إلا أنهم خارجون على إجماع الأمة ومحاربون للأئمة،