اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 501
كنا نراهم يغضون الطرف عن كل فساد في البلاد، ويتقصدون هؤلاء الشباب ويقعدون لهم كل مرصد، فكل مجرم بريء وإن امتص دماء الشعب جهارا وبكل تبجح، بينما من دعا إلى الله -وافقناه في طرحه أو خالفناه - فهو أخطر خلق الله على أمن البلاد.
----------
وإنا لنحمد الله أن ثبتنا، فلقد كدنا نركن إليهم شيئا قليلا، ولكنّ الله -وله الحكمة البالغة- قدّر عليهم لونا جديدا من البلاء، إذ صاروا فاكهة مجالس الغيبة والنميمة والبهتان على برامج الحوار وعلى المواقع الإليكترونية -وكأنه عقاب لهم أن تنسموا عبير الحرية كمنا تنسمه غيرهم-، بحيث لو خلا المجلس من افتراء عليهم لظننت أن أمرا غريبا قد طرأ، ولكن الذي لعله يخفى على البعض، أن أشد صور هذا البلاء إيذاء وجرحا لهم: هو ظلم ذوي القربى.
كم كان الواحد منهم يحزن إذا ما اعتقله ظَلَمَة أمن الدولة بدون وجه حق، ثم يبلغه أن جيرانه وخلّانه يتناولون أخبارا مفادها أن فلانا كان يخطط لعمل إرهابي أو شيء من هذا القبيل، مرددين ما يبثه ضابط الأمن وكأنه الصادق المصدوق. وكذلك، فإن ما يُقطّع نياط قلوبهم اليوم، أن يروا إخوانهم وأصدقاءهم ممن لا ينتمون لتيار بعينه يرددون كلام الإعلام الجائر، دون تمحيص ولا تثبت ولا حتى عرض على منطق العقل، فهذه والله إحدى الكبر ..
----------
وعلى الرغم من وجود قائمة طويلة من التهم التي كان من الممكن أن يُرمى بها الإسلاميون، إلا أن الإعلام ومن تأثر به ممن لا يتقي الله في إخوانه قد آثر أن ينتقي من بينها كلها تهمة (المتاجرة بالدين)، ولو كان المجتمع معتادا على استخدام مصطلح (النفاق) لبادروا بالتصريح به، وهي أشد التهم وطأة على القلوب، إذ أن المؤمن الصادق قد يتحمل شتى الافتراءات ومختلف الطعونات في عرضه، أما الرمي بالنفاق والغدر والخيانة، فلها وقع مختلف كما لا يخفى، وقد كان من أشد البلاء الذي لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم أن قيل عنه (ساحر كذاب)، ولذا فقد واساه ربه في أكثر من موضع، وهوّن عليه حين قال: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)} [الأنعام: 33، 34].
----------
وفي نظري، فإن أبلغ ما يبين مقدار الظلم الواقع على القوم، هي تلك الثنائيات التي تبين بلوغ القوم في التناقض منتهاه، لو تأملها منصف للاح له كيف جافى هؤلاء -عفا الله عنهم- العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض، فعلى سبيل المثال:
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 501