responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 252
تحت أرجلهم, ولانكفأ الباطل وتقوقع, ولعلا بناء الحق وارتفع, ولأبدلكم ربكم بعد خوفكم أمنا, وبعد تيهكم رشداً, وعد الله ومن أصدق من الله وعداً ..
(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا) ..
أما من تهيب الباطل وخافه وارتعد منه, فحري به أن يخلع القميص الذي ألبسه الله إياه, ثم ينأى بنفسه عن تلك المدامك, فلا مكان للمتذبذبين في مواطن انتزاع الحقوق ورد المظالم, فالخوف في بعض المواطن إثم وجريمة, ولا ينبغي لمن استوطن العلم صدره ووقر الإيمان في قلبه, أن يخشى الخلق كخشية ربه أوأشدّ خشية, وأن يعلوه الجبن ويلجمه الإحجام, فتلك سمات مرضى القلوب وصفات المنافقين والذين ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ..
ثم إن العجب أن ينادي بعض أهل العلم والمخلصين بالحفاظ على السلم والوئام, والابتعاد عن الشدة والسلاح في مواجهة من لا يرقب فينا إلا ولا ذمّة, فيخرج الناس ليرموا بالورود من يرميهم بالرصاص, ويشهروا اليافطات والشعارات على من أشهر في وجوههم سيوفاً لا زالت تقطر من دمائهم ودماء آبائهم, وفي هذا سفاهة وسماجة لا تخفى على البصير, فقد اتفق أولوا النهى والفطر القويمة السليمة, أن القتل أنفى للقتل, وأن حد السيف لا يفل إلا بحد مثله, وعادية الكفر والبغي لا تدفع إلا بالفزع إلى السلاح والقتال, أما سوى السيف فلا يبطل مظلمةً ولا يرد مكرمةً, وصدق الله القائل (وقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً) ,فكف بأس الكافرين لا يتحقق بإعلاء أصوات الحناجر, ولا بالهتافات الرنانة, ولا بتجمعات العزّل ومظاهرات المنادين بالسلمية واللاعنفية, إنما تتكسر عواصف المجرمين على صخورٍ راسخةٍ متينةٍ وجبالٍ ضربت في الأرض أوتادها ورجالٍ كماة يسبق سيفهم سوط جلادهم ..
متى تجمع القلب الذكي وصارماً ... وأنفاً حميّاً تجتنبك المظالم
أما ما شاهدناه من أحداث في تونس ومصر, خيّل للناس فيها أن العصا أمضى من السيف, وأن السواعد العزلاء أسقطت عتاة الزعماء, فأمر ينجلي غباره في ضوء العلم بأنهم ما كانوا ليسقطوا إلا حين انقلبت عليهم أدوات مكرهم, وشلّت اليد الباطشة بتخلي جيوشهم عنهم, وذلك بالضغوط المتزايدة من الغرب الذي يطمح إلى أنظمة موالية أكثر مرونة مع الناس وقبولا بينهم, ولكن الأمر لم نشاهده في ليبيا واليمن ولن نشاهده في سوريا إلا أن يشاء الله, فقد تبين أن أواصر الولاء بين تلك الجيوش وطواغيتها أشدّ وأقوى, أضف إلى المصالح والمنافع المتبادلة من أسفل الهرم إلى رأسه, ولهذا فتلك النّظم القمعية النتنة لا زالت تتنفس بسلامة وعافية, بل ليست آيلة للسقوط والاندثار, وفي ذلك عبرة أن البلدان ليست سواءاً, ولا ينبغي تعميم وسائل استثنائية آتت أكلها لأسبابٍ آنيةٍ ظرفيةٍ على باقي البلاد والأمصار, ففي بلاد سورية يعلم جل الضباط النصيرييون والمتنفذون والمحامون عن الطاغوت, أن مصيرهم بمصيره

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست