responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2460
قد يحتار الإنسان في تقيم ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا حقيقة والسبب يعود إلى قوة إصرار الطرفين في تحقيق ما ينشدون لكن هزائم النظام الإعلامية والمادية والتخبط وحالة الإنهاك التي وصل لها رجال الأمن يوحي بأن النظام ساقط سقوطاً مدوياً بإذن الله لكن ليس كأي سقوط – بل سقوط يرضى عنه ساكن الأرض والسماء بإذن الله
فعلى صعيد المتظاهرين فإن ما يشاهد من إصرارهم ووقوفهم بوجه رشاشات الرصاص والمدافع يجعل الإنسان يدرك معنى الآية الكريمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) يجعل الإنسان يقف مذهولاً من قوة التثبيت التي يثبت الله فيها الناس في الشارع – تراهم يسألون ما أخبار أهل بانياس وما أخبار أهل درعا طمنونا عنهم بالرغم من أنهم بالمحنة سواء إن لم يكن أكثر
تسمع الكثير من القصص التي تعبر عن احتضان الثورة من قبل الأمة ودعمها فترى السيارات الصغيرة تدخل إلى تلك الأحياء محملة بالخبز والخضار والماء والطعام وتسير بين الحواري تنادي من كان محتاج فليأتي وليأخذ حاجته ومن كان يعرف محتاج فليأخذ له
حتى الشباب المفرج عنهم من الاعتقالات يحدثونك بكل فخر عما فعلوه وكيف صمدوا بوجه المحققيق ويحدثونك عن حالة الانهيار البادية على العناصر الأمنية كل ذلك بالرغم من آثار التعذيب الظاهرة على وجوه الشباب وأجسادهم وتراهم في نهاية الأسبوع على رأس المظاهرة التالية
ترى الناس وهي تحمل في نفوسها حمل أربعين سنة من القهر والقمع ولا تخطئ ذاكرتها في تفاصيل ما شاهدته في الثمانينيات من القرن الماضي فلا يمكن أن تتخيل العودة للمذلة بتاتاً، أوقفني رجل أربعيني في أثناء أحد التظاهرات وتحدثنا عما يجري وكان مما قال لي: (نحن نخسر كل يوم أرواح ونخسر أموال ونخسر تجارة ونخسر بيوت ونعتقل ونهان لكن كل ما خسرنا وما سنخسره في قادم الأيام لا يعادل جزء يسير مما سنخسره في حال توقفت هذه الثورة وعدنا لعصر الذل والهوان) فلا تستطيع الناس تخيل العودة للوراء بتاتاً
بالرغم من كل هذا تسمع قصصاً في الترفع عن الانتقام فهذا ضابط بالشرطة دخل بسيارته مع عائلته يوم الجمعة بالصدفة لأحد الأحياء وتفاجأ بوجود مظاهرة أمامه ولم يعد يستطيع الخروج وأدرك أنه هالك هو وسيارته لا محالة وعندما أدرك بعض الشباب حالة الذعر التي أصابت الرجل توجهوا إليه وهدؤوا من روعه وقاموا بفك لوحات السيارة ووضعها بالصندوق الخلفي وقاموا بالسير بجانبه وتوجيهه لطريق الخروج وهم يطلبوا من الشباب عدم التعرض له حتى خرج من الحي سالماً من أي خدش على سيارته
سبحان الله، تشاهد السكينة والطمأنينة في نفوس الناس وهي تنتظر نصر الله ولم تعد تعول إلا على الله، وتدرك بأن الله هو الحامي وهو من قدر تحرك هذه الناس، وليس لأحد فضل في إدارة الأمور سوى الله، وتدرك بأنها بالرغم من أعزليتها عن السلاح إلا أنها الطرف الأقوى بعون الله، ولقد

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2460
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست