responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2157
المسحوق بالمسحوق، حتى يستطيع المعتدي المستكبر أن ينهب ويترفّه في فجوره وظلمه. وإذا المساواة هي مساواة الرجل بالمرأة لتنزل المرأة رخيصة بين يدي الشهوة، هيّنة راضية بالفجور، خلعت الحياء واللباس والعفاف الذي زيّنها الله به.
وظن شبابنا المخدوعون أَن هذه الحضارة هي التي تقدّم للإنسان حرِّيته وأَمنه وحقوقه. وطغى ضجيج الدعاية طويلاً حتى انجرف في الفتنة شباب ونساء وكهول، ومجتمعات، وأقطار شتى. ومضت قرون على هذه الدعايات المظللة. فإذا هي حروب ممتّدة في الأرض لا تهدأ، يذهب الملايين من بني البشر قرباناً لمصالح العصابات المجرمة في الأرض.
10ـ الديمقراطية أطلقت الحرية الفردية من ضوابطها وجرّدت الإنسان من جوهر قوته وسلامة فطرته:
إذا كانت هذه هي الخصائص الإيمانية الرئيسة للحرية في ميزان الإسلام، فما هي الحرية في الديمقراطية وفي سائر المذاهب البشرية؟ المثالية كما دعا إليها هيجل وسواه لا تختلف كثيراً عن المادية التي دعا إليها إنجلز وماركس ولينين وغيرهم. لم يختلفا إلا فيما هو أسبق في الحياة: المادة أم الروح. والروح في مفهومهما واحد. إنها الفكر وليست الروح التي يتحدث عنها الإسلام، إنهم لا يؤمنون بها. الديمقراطية والرأسمالية والمثالية أطلقت للفرد حرّيته دون ضوابط وجرّدته من جوهر قوته وسلامة فطرته، بعد أن خدرته بالشهوات والأهواء. والمادية الشيوعية ودكتاتوريتها خنقت الحرية لا بالتخدير ولكن بالبطش والاستبداد، وخنقت في الإنسان حقيقة قوته وقتلت فطرته. فمن أين تأتي الحرية الصادقة بعد ذلك؟
كلٌّ يدّعي الحرّية، وكل يصوغها على نمط مصالحه المادية وشهواته المتفلتة فالديمقراطية حين أطلقت الحرية الفردية دون ضوابط، فإنها أَغرقتها في أوحال الحرية الجنسية الملوّثة وأوحال الجريمة والمعصية، لا توقفها مسؤولية في الدنيا ولا رهبة من عذاب الآخرة. وعندما يطلقون حرية الدين كما يزعمون فإنهم في حقيقة أَمرهم يقتلون الحرية ويدفنونها. ذلك لأنهم خدَّروا الناس بالشهوة والمصالح والجري اللاهث وراء الدنيا، ليكون هذا هو ميزان الحياة ومقياس الحرية أو الظلم. فجرَّدوا الإنسان بذلك من جوهر قوته التي يفكر بها حرّاً طليقا. جرّدوه من سلامة الفطرة التي لوَّثتها المعصية وأَحاطت بها الجريمة وخنقتها الأهواء والشهوات الثائرة. فأَنى للإنسان أَن يفكر حرّاً. ثم صاغوا له القوانين التي تدفعه إلى الانحراف دفعاً، وهيأوا له من وسائل الإعلام ما يجعل الشهوة ناراً يلتهب بها دمه، ثمَّ حبسوا الدين في الكنائس هناك، لا يخرج للناس منه إلا ظنون وأَوهام، وأَحقاد وعصبيات، لا علم معها ولا بحث عن الحقّ ولا دراسة ولا تَقَصٍّ. حبسوا الدين في الكنائس لا يخرج منها إلا للدعاية التي تحتاجها المصالح الشخصية المتصارعة، أو لإطلاق حركات التنصير خارج بلادهم لتكون مُمهِّدة للجيوش الزاحفة بظلمها وعدوانها، أَو لإطلاق المستشرقين ليسوّغوا الضلال، ويوفّروا التأويل الكاذب،

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست