responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2156
قد تُخنق الكلمة بتكميم الأَفواه، أو في ظلمة السجون، أو تحت سياط القهر والتعذيب. وهذه جريمة كبيرة حين تكون الكلمة حقاً وأمانة وبلاغاً وقوة، وصدقاً وعبادة وتقوى. ولكن خنق الكلمة في داخل الإنسان وهو طليق جريمة أكبر في حق الإنسان، لأنها تكون عندئذ جريمة تمتدّ في الأرض على غيبوبة وخدر، أو هلع وحذر، لا يكاد يحس بها الناس، أو يعتادونها فيألفونها، ويمضي المجرمون في طغيانهم وعُتوّهم واستكبارهم، حتى يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
فالأمن الحقيقي الممتد من داخل الإنسان وذاته، إلى واقعه ومجتمعه، إلى نظامه وإدارته، إلى سلطانه ونفوذه وقوته، هذا الأَمن هو الذي تقوم عليه الحريّة لتكون عبادة لله وطاعة، وجمالاً في الحياة ومتعة.
واستمع إلى إبراهيم عليه السلام يرُسِّخ هذه القاعدة العظيمة قاعدة إيمان وتوحيد، وعبودية لله وطاعة، في الحياة البشرية كلها: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)} [الأنعام]
قاعدة العدل الذي يقوم على أساس الإيمان والتوحيد ومنهاج الله:
ولا يستقرُّ الأَمن في واقع الإنسان إلا ساد العدل الحق على أساس ميزان الإيمان أَيضاً: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]
ولا يترك الإسلام العدل والإحسان، والأَمن وغير ذلك شعارات غير محددة. ولكنه يفصلها حتى تكون حجّة على الناس يوم القيامة، وحتى تكون ميزاناً دقيقاً أَميناً يستطيع الإنسان ممارسته في واقعه البشري.
هذه بعض قواعد الحرّية وركائزها في ميزان الإسلام. تنبع كلها من الإيمان والتوحيد المغروسين في فطرة الإنسان ليرويا الفطرة بجميع قدراتها وطاقاتها، حتى تتوازن هذه القدرات فتؤدي مَهَمَّتها التي خلق الله هذه القدرات لأَدائها، وليكون عمل الإنسان وعطاؤه حينئذٍ عملاً صالحاً.
9ـ اضطراب معنى الحرّية في واقع المسلمين اليوم:
هذه الحرّية، وكذلك ركائزها، اضطراب في واقع المسلمين اليوم. اضطربت حين اضطربت الفطرة واضطرب توازنها، وحين امتدّ الغزو والعدوان على حياتنا وديارنا ينفث سموم الحضارة الغربية تحت شعارات مزخرفة مضللة من " الحرّية " والإِنسانية والإخاء والمساواة. فإذا الحرّية هي إرادة القويّ الظالم المعتدي يفرضها بالإغراء أَو بالنار. وإِذا الإنسانية والإخاء شعار يساوي الفقير ويؤاخي

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست