responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1838
التحق محمد عزة دروزة حين بلغ الخامسة من عمره بأحد كتاتيب مدينة نابلس ليتعلم القراءة والكتابة وتجويد القرآن، وفي عام 1895 ألحقه والده بالمدرسة الابتدائية الحكومية بعد قيامها مباشرة، ثم انتقل بعد أن حصل على شهادتها إلى المدرسة الرشيدية الإعدادية وتخرج منها سنة 1906، وعلى الرغم من تفوق دروزة في دراسته الإعدادية إلا أن أحوال أسرته لم تسمح له بمواصلة الدراسة في الخارج.
دخل دروزة متمرناً في دائرة البرق والبريد، وما لبث أن دخل سلك الوظيفة في الدائرة نفسها، وتنقل في عدة وظائف: وكيلاً لمديرية بيسان، فمأموراً ووكيلاً لمديرية نابلس، فرئيساً لبيع الطوابع في بيروت فمأموراً متجولاً، ثم مفتشاً على مراكز البرق والبريد المدنية في سيناء، ثم صار سكرتيراً لديوان المديرية العامة في بيروت إلى نهاية الحرب العالمية الأولى. وقد أتاحت له هذه الوظيفة فرصة التعرف على أجزاء كبيرة من البلاد فعرف خان يونس وغزة وبيسان من أراضي فلسطين، واربد ومادبا في شرق الأردن، وأذرع والنبك في سوريا، كما أتاحت له هذه الوظيفة فرصة الاطلاع على الجرائد والمجلات التي كانت ممنوعة من دخول الأراضي العثمانية كجرائد المؤيد والأهرام والمقطم، ومجلات المنار والمقتطف والهلال وذلك قبل إعلان الدستور العثماني سنة 1908.
وقد كان لحرمان دروزة من التعليم العالي أثر كبير في نفسه، حيث ولد لديه رغبة وطموحاً كبيرين لتعويض ما فاته من ذلك، فبدأ يطالع كل ما يقع في يده من كتب قديمة وحديثة، عربية وأجنبية. فكان يقرأ لغوستاف لوبون وهربرت سبنسر وغيرهما من رجال العلم والفلسفة الأوروبية، وكان يقرأ للشيخ محمد عبده ورشيد رضا والرافعي وشكيب أرسلان بالإضافة إلى اطلاعه المستمر على ما كان ينشر من مقالات أدبية واجتماعية لجورجي زيدان وشبلي شميل وقاسم أمين وغيرهم.
وقد استمر اهتمام دروزة بالعلم والتعليم ولم تشغله أعباء وظيفته عن ذلك، بل كان ـ على حد قوله ـ يحمل صندوق كتبه في كل أسفاره وتنقلاته، وصار لا يترك الكتاب من يده في معظم يومه حتى أنه قرأ في فترة لا تتجاوز الثلاثين سنة ألف وخمسمائة كتاب ومجلد في مختلف الموضوعات من لغة وصرف ونحو وأدب وشعر وقصص وتاريخ وتفسير وسيرة وحديث. غير أنه لم يتلق العلم على أيدي علماء متخصصين إلا لفترات بسيطة ومتقطعة حضر فيها دروساً في الفقه على الشيخ مصطفى الخياط في الجامع الكبير بنابلس، ودروساً في الحديث من كتاب صحيح البخاري على الشيخ سليمان الشرابي، وأخرى في النحو والصرف على الشيخ موسى القدومي الذي كان مديراً للمعهد الديني في نابلس حتى عام 1967.
كان دروزة في مقتبل عمره عنصراً متفتحاً، يفتح له علية القوم مجالسهم ويشترك معهم في المجالات السياسية والوطنية والعلمية، وقد أتاح له عمله الوظيفي فرصة التعرف على كثير من المتنورين من أبناء جيله وكانت له صلات كثيرة مع أولئك بحكم عمله في أماكن مختلفة وفي وظائف متباينة، فقد عمل في دائرة البرق والبريد حتى أصبح سكرتيراً لديوان المديرية العامة للدائرة نفسها في بيروت، والتحق بعد

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1838
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست