اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 1365
وجاء في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (1)
فكل ما ليس ممنوعا شرعا فلا حرج على المكلف فيه، فيدخل في ذلك المباح بكل صوره سواء كانت إباحة عادية أو عقلية أو شرعية، ويدخل فيه أيضا المشروع سواء كان واجبا أو مستحبا، وأما في حال الاضطرار فلا حرج على المضطر في فعل المحظور سواء كان مكروها عند الحاجة، أو محرما عند الضرورة لقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119].
وأما النيات فأثرها محصور في ترتب الثواب على الفعل لا في إثبات مشروعيته ذاتها، فقد يكون الفعل مباحا فيثاب الفاعل له على نيته إذا قصد الاستعانة بالمباح على الطاعة، وقد يكون الفعل عبادة واجبة فيفعلها المكلف لا طاعة لله بل رياء وسمعة، فلا يؤجر على فعله، بل قد يعاقب، لحديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (2)
فالواجب النظر إلى الفعل نفسه هل هو مشرع في حد ذاته أم غير مشروع، ولا شك بأن دفع الظلم بكل صوره مما أمر الله عز وجل وأذن به كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)} [الشورى: 39 - 42].
وجاء في الصحيح عنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " أَمَرَنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ .. " (3)
فدفع الظلم عن النفس وعن الغير لا يخرج عن كونه واجبا أو مستحبا أو مباحا بحسب نوع الظلم وحجم ضرره على النفس، ولهذا تواتر تواترا معنويا حديث عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ أَهْلِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ» (4)
والمال والحق والعرض والدم كلها أمور دنيوية ومع ذلك هي من الضرورات الخمس التي جاء الشريعة لحفظها ورعايتها، فمن قاتل دونها فقد فعل ما وجب عليه، أو ما استحب له بلا خلاف، ولا يحرم
(1) - صحيح البخاري (9/ 94) (7288) وصحيح مسلم (2/ 975) 412 - (1337)
(2) - صحيح البخاري (1/ 6) (1)
(3) - صحيح البخاري (2/ 71) (1239)
(4) - السنن الكبرى للنسائي (3/ 454) (3543) صحيح
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 1365