اسم الکتاب : بين العقيدة والقيادة المؤلف : محمود شيت خطاب الجزء : 1 صفحة : 182
"لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن فيها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرَجاً مما أنتم فيه"؛ فخرج عند ذاك المسلمون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة، وفرُّوا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام [1]. وهكذا ترك المسلمون المهاجرون ديارهم وأموالهم وأهليهم حرصاً على دينهم.
وقدم المسلمون مكة من الهجرة الأولى إلى الحبشة، لأنهم سمعوا بإسلام قريش، ولكن ظهر لهم أن قريشاً لا تزال على دينها - فاشتد عليهم قومهم، وسطت بهم عشائرهم، ولقوا منهم أذى شديداً؛ لذلك أذن لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية، فكانت خرجتهم الثانية أعظمها مشقة، ولقوا من قريش تعنيفاً شديداً، ونالوهم بالأذى [2].
وفي الحبشة سأل النجاشي المهاجرين من المسلمين قائلاً: "ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا ديني ولا دين أحد من هذه الملل"؟! وأجابه جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - قائلاً: "أيها الملك! كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأَمَرَنا بصدق الحديث وأداء الأمانة [1] طبقات ابن سعد (1/ 203 - 204)؛ وسيرة ابن هشام (1/ 343)؛ وعيون الأثر
(1/ 115). [2] طبقات ابن سعد (1/ 207).
اسم الکتاب : بين العقيدة والقيادة المؤلف : محمود شيت خطاب الجزء : 1 صفحة : 182