responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 495
ثم جاء العباسيون، وركبوا الخط الذي بدأه الأمويون، وزادت فجوة الانحراف في عهدهم وأضيف إليها انحرافات من نوع جديد، فقد بقي الملك الوراثي العضوض، زادت سوأته حين جعلوه بالدور، ولو جاء الدور على صبي لا يتجاوز الثانية عشرة - مما أثر على قوة الدولة الإسلامية، فضلا عما جرى من المؤامرات الرهيبة من أجل تولي الملك، ووصل العنف السياسي مداه حتى وصل إلى مذابح بشعة لا يتصور حصولها من مسلمين. وأما السرف في بيت المال، فلقد كان الخليفة العباسي لا يجد حرجًا أن يعطي الشاعر لقاء أبيات في مدحه مائة ألف من بيت مال المسلمين، هذا غير صور الانحرافات الأخرى التي ليس هذا مجال حصرها، وأما مجموع الأمة فقد صارت ترى هذا العبث ولا تحرك ساكنًا [1].
وكان طبيعيًا أن تنهار الدولة العباسية من وطأة هذه الانحرافات مجتمعة، وجاء الانهيار تحقيقا لسنن الله تعالى في الحياة البشرية، ودخل التتار بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية عام 656هـ، فذبحوا الخليفة المعتصم، وذبحوا المسلمين، وأحرقوا كتب العلم التي كانت تعمر بها بغداد، وألقى معظمها في نهر دجلة، وكانت تضم أعظم تراث العالم في ماضيه وفي حاضره [2].
وقد أجمع المؤرخون على أن السبب في هذه النكبة هو الغفلة والترف،
والاستهانة بتعاليم الإسلام، وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ
لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117].
وانهارت كذلك الدولة الإسلامية في الغرب، حيث استولى الصليبيون على الأندلس، وطردوا المسلمين منها بوحشية بالغة، وانمحى الوجود الإسلامي من تلك البقعة من الأرض التي كانت مركزا للعلم والحضارة ردحا كبيرا من الزمان [3].

[1] المصدر نفسه، ص124.
[2] البداية والنهاية (7/ 183).
[3] انظر: واقعنا المعاصر، ص138.
اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 495
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست