اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 211
فحقيقة الإيمان في القرآن الكريم تدفع العبد المؤمن إلى جهاد ودعوة, والتزام وحركة, وتواصٍ بالحق وثبات عليه, وتواصٍ بالصبر وحث عليه [1].
يقول سيد قطب رحمه الله: (والعمل الصالح هو الثمرة الطيبة للإيمان, والحركة الذاتية التي تبدأ في ذات اللحظة التي تستقر فيها حقيقة الإيمان في القلب, فالإيمان حقيقة إيجابية متحركة, ما إن تستقر في الضمير حتى تسعى بذاتها إلى تحقيق ذاتها في الخارج في صورة عمل صالح .. هذا هو الإيمان الإسلامي .. لا يمكن أن يظل خامدًا لا يتحرك, كامنًا لا يتبدى في صورة حية خارج ذات المؤمن.
فإن لم يتحرك هذه الحركة الطبيعية فهو مزيف أو ميت, شأنه شأن الزهرة لا تُمسك أريجها, فهو ينبعث منها انبعاثًا طبيعيًا, وإلا فهو غير موجود.
ومن هنا قيمة الإيمان .. إنه حركة وعمل وبناء وتعمير .. يتجه إلى الله .. إنه ليس انكماشًا وسلبية وانزواء في مكنونات الضمير .. وليس مجرد النوايا الطيبة التي لا تتمثل في حركة, وهذه طبيعة الإسلام البارزة التي تجعل منه قوة كبرى في صميم الحياة [2].
إن الإيمان قوة دافعة وطاقة مجمعة, فما كادت حقيقته تستقر في القلب حتى تتحرك لتعمل, ولتحقق ذاتها في الواقع, ولتوائم بين صورتها المضمرة وصورتها الظاهرة, كما أنها تستولي على مصادر الحركة في الكائن البشري كلها, وتدفعها في الطريق.
«ذلك سر قوة العقيدة في النفس, وسر قوة النفس بالعقيدة, سر تلك الخوارق التي صنعتها العقيدة في الأرض, وما تزال في كل يوم تصنعها الخوارق التي تغير وجه الحياة من يوم إلى يوم, وتدفع بالفرد وتدفع بالجماعة إلى التضحية بالعمر الفاني المحدود في سبيل الحياة الكبرى التي لا تفنى, وتقف [1] انظر: في ظلال الإيمان, ص 64. [2] في ظلال القرآن (6/ 3967،3966).
اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 211