اسم الکتاب : تعريف عام بدين الإسلام المؤلف : الطنطاوي، علي الجزء : 1 صفحة : 129
الإيمان بالقدر
الانسان مخير
وأنا أتكلم الآن عن الوضع القائم المشاهد، وسأتكلم بعد ذلك عن النصوص. والواقع ان الانسان له حرية، له (عقل) يستطيع أن يحكم به على الأمور المادية، ويميز به بين الخير والشر، والصلاح والفساد. وله (ارادة) يستطيع أن يعمل بها الخير أو أن يعمل الشر. كل انسان عاقل يدرك ان الصلاة خير، وان الزنا شر. ويقدر اذا خرج من داره أن يمشي من جهة اليمين إلى المسجد فيصلي، أو يمشي من جهة الشمال إلى الماخور فيزني هل يشك أحد في هذا؟ واذا كانت يدي سليمة ما بها مرض أو شلل، فأنا أستطيع أن أرفعها، فهل في الناس من يدعي أنني لا أستطيع رفع يدي؟ واذا كنت قادرا على رفع يدي، رفعتها لأعطي فقيرا دينارا، أو رفعتها لأضرب بريئا بالعصا، فهل هذا كذاك؟ أليس إعطاء الفقير حسنة تستحق الثواب، وضرب البريء سيئة تستوجب العقاب؟
التلميذ يستطيع أن يمضي ليالي الامتحان باللهو واللعب، ويستطيع أ، يشغلها بالجد والدرس، أليس هذا صحيحا؟ فهل يدعي أحدٌ أن سقوط اللاعب كان ظلما، او ان نجاح المُجد كان محاباة؟.
الإيمان بالقدر
والانسان مجبر
لقد استطعت أن أحرك يدي بارادتي، لأن الله جعل عضلاتها خاضعة لي، ولكني لا أستطيع التحكم في عضلات قلبي ومعدتي. وهذا التلميذ قد يكون ذكيا يدرس الدرس مرة فيحفظه، ثم يلهو ويتسلى، وقد يكون غبيا، يدرس الليل والنهار، فلا يفهم ولا يحفظ. وقد يكون بيته هادئا، وأبوه عالما ييسر له أمر الدرس، وقد يكون بيته صاخبا، وأبوه جاهلا مشاكساً، فلا يستطيع أن يدرس. فهو لا يملك منح نفسه الذكاء، ولا يملك اختيار أبويه، ولا انتخاب الزمان الصالح ليوجد فيه، ولا البيئة الصالحة ليمضي فيها طفولته. هذه كلها أمور لا يملكها الإنسان، كما لا يملك أن يجعل أنفه أجمل، وقامته أطول، فهو من هذه الناحية مجبر.
اسم الکتاب : تعريف عام بدين الإسلام المؤلف : الطنطاوي، علي الجزء : 1 صفحة : 129