responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 219
المبسط الجديد الذي كان مديراً لمرصد (بورجس) ولا يمل، من تبسيط الأشياء المعدة في كتبه ذات الغلاف الأحمر التي أخذت شهرة فريدة في الآفاف المدرسية.
وانطلقت يحركني إيمان الوارد على دين جديد، فكانت هذه الفترة الدراسية بالنسبة لي لا تقف عند حدود تهيئتي لدخول مدرسة اللاسلكي، بل غيرت جذرياً اتجاهي الفكري، إذ أنها أسكنت في نفسي شيطان العلوم؛ ولم يكن الأب (مورو) قد فتح أمامي باب مدرسة معينة، بل فتح لي باب عالم جديد يخضع فيه كل شيء إلى القياس الدقيق للكم والكيف، ويتسم فيه الفرد أول ما يتسم، بميزات الضبط والملاحظة.
وكنت بهذا الطريق أيضاً، أدخل الحضارة الغربية من باب آخر، بعد أن دخلت من باب (وحدة الشبان المسيحيين الباريسيين).
وأصبحت أتردد على متحف الصناعات والفنون، ولكن بنظرة جديدة للأشياء، لذلك لم يصبح المتحف مجرد مكان جمعت فيه غرائب وعجائب ما أنتجه الفن والصناعة، ولكنه المستودع المقدس الذي أودعت فيه هذه الحضارة، أعلى ما أنتجته عبقريتها العلمية والتكنولوجية بوصفها شهادات أمام التاريخ على مراحلها المختلفة.
فلما دخلت إلى مدرسة اللاسلكي، كنت الرجل غير الذي نزل قبل ثلاثة أشهر بباريس في صبيحة من شهر أيلول (سبتمبر) الماضي.
لم تعد تجذبني أحلام الآفاق البعيدة، ولم يستملني مركز اجتماعي مرموق، لم يعد لي من حلم غير تحصيل العلم، وأصبحت أشعر كأنني حُمّلت جميع آثام مجتمع يبحث عن الخلاص من بؤسه، كأنني بالنسبة لذلك المجتمع كبش فداء شاعر بثقل ما حمّله من مسؤوليات ومحن وآمال ليحقق له الخلاص بفضل دراسته.
فانكببت على تحصيل العلم بلهفة من يرى كل ما في وطنه وفي المجتمع

اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست