اسم الکتاب : وقفات على الطريق المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 340
أن تبدأ بالبشر من النقطة التي هم فيها فعلا ولا تغفل واقعهم، ومقتضيات هذا الواقع، في سير مراحل هذا المنهج وتتابعها .. ثم تنتصر هذه المجموعة على نفسها وعلى نفوس الناس معها تارة وتنهزم في المعركة مع نفسها أو مع نفوس الناس تارة.
بقدر ما تبذل من الجهد وبقدر ما تتخذ من الأساليب العملية وبقدر ما توفق في اختيار هذه الأساليب ..
وقبل كل شيء، وقبل كل جهد، وقبل كل وسيلة .. هنالك عنصر آخر: هو مدى تجرد هذه المجموعة لهذا الغرض. ومدى تمثيلها لحقيقة هذا المنهج في ذات نفسها ومدى ارتباطها باللّه صاحب هذا المنهج، وثقتها به، وتوكلها عليه.
هذه هي حقيقة هذا الدين وطريقته، وهذه هي خطته الحركية ووسيلته ..
وهذه هي الحقيقة التي شاء اللّه أن يعلمها للجماعة المسلمة، وهو يربيها بأحداث معركة أحد وبالتعقيب على هذه الأحداث ..
حينما قصرت في تمثيل حقيقة هذا الدين في ذات نفسها في بعض مواقف المعركة. وحينما قصرت في اتخاذ الوسائل العملية في بعض مواقفها. وحينما غفلت عن تلك الحقيقة الأولية أو نسيتها وفهمت أنه من مقتضى كونها مسلمة أن تنتصر حتما بغض النظر عن تصورها وتصرفها - حينئذ تركها اللّه تلاقي الهزيمة وتعاني آلامها المريرة. ثم جاء التعقيب القرآني يردها إلى تلك الحقيقة: «أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ: أَنَّى هذا؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ. إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ..
ولكنه - كما قلنا في سياق الاستعراض للنصوص - لا يترك المسلمين عند هذه النقطة، بل يصلهم بقدر اللّه من وراء الأسباب والنتائج ويكشف لهم عن إرادة الخير بهم من وراء الابتلاء،الذي وقع بأسبابه الظاهرة من تصرفاتهم الواقعة ..
إن ترك المنهج الإلهي يعمل ويتحقق عن طريق الجهد البشري، ويتأثر بتصرف البشر إزاءه .. هو خير في عمومه، فهو يصلح الحياة البشرية ولا يفسدها أو يعطلها ويصلح الفطرة البشرية ويوقظها ويردها إلى سوائها ..
اسم الکتاب : وقفات على الطريق المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 340