responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وقفات على الطريق المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 339
ذا؟» - في هذا المقام - سؤال لا يسأله مؤمن جاد، ولا يسأله كذلك ملحد جاد .. المؤمن لا يسأله، لأنه أكثر أدبا مع اللّه - الذي يعرفه قلبه بحقيقته وصفاته - وأكثر معرفة بأن الإدراك البشري لم يهيأ للعمل في هذا المجال .. والكافر لا يسأله، لأنه لا يعترف باللّه ابتداء. فإن اعترف بألوهيته عرف معها أن هذا شأنه - سبحانه - ومقتضى ألوهيته! ولكنه سؤال قد يسأله هازل مائع. لا هو مؤمن جاد، ولا هو ملحد جاد .. ومن ثم لا ينبغي الاحتفال به ولا الجد في أخذه! وقد يسأله جاهل بحقيقة الألوهية .. فالسبيل لإجابة هذا الجاهل ليس هو الجواب المباشر. إنما هو تعريفه بحقيقة الألوهية - حتى يعرفها فهو مؤمن، أو ينكرها فهو ملحد .. وبهذا ينتهي الجدل إلا أن يكون مراء! ليس لأحد من خلق اللّه إذن أن يسأله - سبحانه - لماذا شاء أن يخلق الكائن الإنساني بهذه الفطرة؟ ولما ذا شاء أن تبقى فطرته هذه عاملة، لا تمحى، ولا تعدل، ولا تعطل! ولما ذا شاء أن يجعل المنهج الإلهي يتحقق في حياته عن طريق الجهد البشري، وفي حدود الطاقة البشرية؟
ولكن لكل أحد من خلقه أن يدرك هذه الحقيقة ويراها وهي تعمل في واقع البشرية، ويفسر التاريخ البشري على ضوئها فيفقه خط سير التاريخ من ناحية، ويعرف كيف يوجه هذا الخط من ناحية أخرى.
هذا المنهج الإلهي الذي يمثله الإسلام - كما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يتحقق في الأرض في دنيا الناس، بمجرد تنزله من عند اللّه. ولا يتحقق بمجرد إبلاغه للناس وبيانه. ولا يتحقق بالقهر الإلهي على نحو ما يمضي اللّه ناموسه في دورة الفلك وسير الكواكب، وترتب النتائج على أسبابها الطبيعية .. إنما يتحقق بأن تحمله مجموعة من البشر، تؤمن به إيمانا كاملا، وتستقيم عليه - بقدر طاقتها - وتجعله وظيفة حياتها وغاية آمالها وتجهد لتحقيقه في قلوب الآخرين وفي حياتهم العملية كذلك وتجاهد لهذه الغاية بحيث لا تستبقي جهدا ولا طاقة .. تجاهد الضعف البشري، والهوى البشري، والجهل البشري في أنفسها وأنفس الآخرين.
وتجاهد الذين يدفعهم الضعف والهوى والجهل للوقوف في وجه هذا المنهج .. وتبلغ - بعد ذلك كله - من تحقيق هذا المنهج الإلهي إلى الحد والمستوي الذي تطيقه فطرة البشر. على

اسم الکتاب : وقفات على الطريق المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 339
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست