وواقعية الإسلام في تشريعه للتعدد؛ لم تخل بمثاليته في التشريع، فقد حدده بأربع زوجات، وفرض على الزوج العدل بينهن: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدةً أو ما ملكت أيمانكم} (النساء: 3)، وتوعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من ظلم إحدى زوجتيه بعقوبة خاصة يوم القيامة تتناسب وميله إلى واحدة منهن: ((من كان له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط)). (1)
إن تعدد الزوجات الذي يبيحه الإسلام ليس شهوة عابرة، ولا نوعاً من التمييز والتفضيل، بل هو تهذيب لواقع، يقنن لمسألة اجتماعية، يضفي فيها الرجل المزيد من المسئوليات التي يلزمه القيام بها والوفاء بمتطلباتها المالية والاجتماعية والإنسانية.
ونتساءل في خاتمة هذا المبحث: ألا يكفي إزاء المزاعم الكذوبة عن وضع المرأة في الإسلام أن نتامل الشهادة المنصفة للمفكر الفرنسي مارسيل بوازار في كتابه "إنسانية الإسلام": "أثبتت التعاليم القرآنية وتعاليم محمد أنها حامية حمى حقوق المرأة". (2)
ثانياً: الإسلام والإرهاب
أرسل الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلى العالمين بشيراً ونذيراً، ووصفه بقوله: {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين} (الأنبياء: 107)، كما وصفه الله تعالى بالرأفة والرحمة في قوله: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيمٌ} (التوبة: 128)، فمحمد - صلى الله عليه وسلم - هو رحمة الله المسداة إلى خلقه.
وقد امتن الله على البشرية ببعثته - صلى الله عليه وسلم - لما طواه من الأحقاد المريرة؛ التي أنّت المجتمعات الإنسانية منها طويلاً: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً
(1) أخرجه ابن ماجه ح (1969)، وأحمد ح (8363).
(2) قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل (410).