فأما تساويهما في الإنسانية، فقد قرره النبي بقوله: ((إنما النساء شقائق الرجال)). [1] كيف لا وهما معاً أصل الجنس البشري {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} (الحجرات: 13)، ويشملهما جميعاً تكريم الله للجنس البشري {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً} (الإسراء: 70).
ويقرر القرآن الكريم أهلية المرأة للإيمان والتكليف والعبادة، ومن ثم المحاسبة والجزاء، وهي في كل ذلك مثل الرجل سواء بسواء {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (النحل: 97) ويقول تعالى: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض} (آل عمران: 195).
ولم يعتبر الإسلام المرأة مصدر الشرور، ولم يوافق على اعتبارها سبباً في وقوع آدم في غواية الشيطان، فالقرآن الكريم يجعل آدم وزوجته شريكين في اقتراف الخطيئة الأولى، شريكين في جزائها {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه} (البقرة: 36)، وكما اشتركا في الخطيئة فقد اشتركا في التوبة منها {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} (الأعراف: 23).
وهذا التساوي بين الوالدين يسري في المسؤولية الشرعية لذريتهما، حيث إن الله يساوي بين الرجال والنساء في ثواب وعقاب أفعال الإنسان، بلا تمييز لجنس على جنس {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً} (الأحزاب: 35). [1] أخرجه أحمد (25663)، وأبو داود ح (236)، والترمذي ح (113)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ح (234).