الطائع والعاصي، والمؤمن والكافر، وهذا من العبث الذي يتنزه عنه الله الحكيم {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون - فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم} (المؤمنون: 115 - 116).
وقد تولى القرآن إثبات معقولية البعث والنشور، وردَّ بالبرهان على مكذبي البعث الذين ضعف تصورهم لقدرة الله العظيمة، فتساءلوا مستنكرين: {وقالوا أئذا كنا عظاماً ورفاتاً أئنا لمبعوثون خلقاً جديداً - قل كونوا حجارةً أو حديداً - أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة} (الإسراء: 49 - 51).
وضرب الله لهؤلاء المنكرين الأمثالَ العقلية التي تقرِّب فكرة البعث إلى أذهانهم، فقال جل ذكره: {وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم - قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم - الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون - أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم - إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون - فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} (يس: 78 - 83).
والقيامة تشمل جميع البشر، مؤمنهم وكافرهم {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً} (الكهف: 47)، فلا مناص من ذلك اليوم ولا مهرب كما قال تعالى: {أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعاً} (البقرة: 148).
والقيامة تقوم في زمن لا يعلم موعده إلا الله، قال تعالى: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير} (لقمان: 34).
فإذا أذن الله بانتهاء الدنيا وانصرامها، تنحلُّ - بأمر الله - سنن الكون ويختل نظامه وترابطه وتقوم الساعة {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار} (إبراهيم: 48).