ولا شك أن المجتمعات الإسلامية في المرحلة الراهنة في حاجة إلى أن ينفتح فيها الحوار على آفاق العصر، ولن يتيسّر هذا إلا بالأخذ بأمرين مهمين، أولهما الدخول في حوار مع العصر، بما يناسب من طرائق وأساليب، وثانيهما تحصين الذات بإصلاح أحوال الفرد والمجتمع إصلاحاً عميقاً، ومن النواحي كافة، حتى تسود روح الحوار العالم العربي الإسلامي، ويتعمّق ما يصطلح عليه ب (الحوار الوطني) من جهة، و (الحوار العربي العربي) ، و (الحوار الإسلامي الإسلامي) ، من جهة ثانية.
وينبغي أن يهدف (الحوار الوطني) إلى رصد عوامل تفاقم الأوضاع الاجتماعية واحتوائها، والعمل على تدعيم سبل الاستقرار والتنمية. وحتى تصبح الحوارات الوطنية في العالم العربي الإسلامي بمثابة نقطة تحوّلٍ وانطلاقٍ إلى آفاق جديدة في واقعنا السياسي والاجتماعي وفي الميادين كافة، لا بد أن نحرص على الإدارة العلمية والدقيقة لهذه الحوارات، وفي اتجاهنا نحو هذه الغاية لا بد أن نفرّق أولاً بين مفهومَي (الحوار) وبين (عمليات التفاوض الجمعي) [1] ، وذلك تجنباً للفوضى والوقوع في المحظور، والسير في الاتجاه الخطأ. [1] مقدمة في علم التفاوض الاجتماعي والسياسي، د. حسن محمد وجيه، سلسلة عالم المعرفة (عدد 190) ، ص 160-161، أكتوبر 1994، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.