الصورة الثانية: موقف من يغالون في أئمتهم وعلمائهم ومشائخهم غلوًّا يقطعهم عن رؤية زلتهم، فضلاً عن الحذر منها، وكأنهم اقتبسوا شعلة من نور العصمة التي لا تنبغي إلا لنبي، وقد قيل: " حبك الشيء يعمي ويصم "، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً، إن آمن آمن، وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر " [2].
وقال الإمام أحمد رحمه الله: " لا تقلد دينك الرجال، فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا ".
وهاك صورًا من الغلو في العلماء:
فمن ذلك قول بعضهم: " نظرة عندنا من أحمد -أي: ابن حنبل- تعدل عبادة سنة ".
وقول آخر: " عندنا بخراسان يظنون أن أحمد بن حنبل لا يشبه البشر، يظنون أنه من الملائكة ".
وقال شيخ السلمي له: " من قال لأستاذه: لم؟ لم يفلح أبدًا " [3].
وحكى الشيخ سليمان بن يوسف بن مفلح أحد أعلام الشافعية رحمه الله عن نفسه، فقال: (كنت إذا سمعت شخصًا يقول: " أخطأ النووي "، أعتقد أنه كفر) [4].
(1) " البداية والنهاية " (9/ 275).
(2) " جامع بيان العلم " رقم (1882) ص (988). [3] انظر هامش رقم (3) ص (240).
(4) " الدر الكامنة " (2/ 261).
اسم الکتاب : الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 369