responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 116
لطيفة
كتب القاضي شرف الدين ابن المقري، صاحب " الروض " إلى أبيه، وقد قطع نفقته:
لا تَقْطَعَنْ عادةَ بِرٍّ ولا ... تجعلْ عتابَ المرء في رزْقه
فإن أمرَ الإفك من مِسْطحٍ [1] ... يَحُطُّ قَدْرَ النجَمِ مِن أَفْقَه
وقد جرى منه الذي قَد جرى ... وعُوتبَ الصِّدِّيقُ في حَقِّه
فأجابه والده مبيناً له سبب ذلك المنع:
قد يُمْنَعُ المُضْطَرُّ من مَيْتةٍ ... إذا عَصَى بالسَّيْر في طُرْقه (2)
لأنه يَقْوَى علىَ توبةٍ ... تُوجبُ إيصالَاً إلى رِزْقَه
لو لم يَتُب من ذَنْبِهِ مِسْطَحٌ [3] ... ما عُوتِبَ الصِّدِّيقُ [4] في حَقِّه (5)

[1] هو مسطح بن أثاثة، وأمه بنت خالة أبي بكر، أسلمت، وأسلم أبوها قديمَا، وكان أبو بكر يَمُونه لقرابته منه، فلما خاض مع أهل الإفك في أمر عائشة رضي الله عنها حِلف أبو بكر أن لا ينفعه، فنزلت: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} [النور: 22]، فعاد أبو بكر إلى الإنفاق عليه، ثبت ذلك في " الصحيحين " في حديث عائشة الطويل في الإفك.
(2) يشير بهذا إلى مذهب الشافعية والحنابلة، وهو رواية عن مالك، الذين يرون أن الرخص لا تناط بالمعاصي، فمن أنشأ سفرًا يعتبر في ذاته معصية كالمرأة الناشز، والمسافر لظلم الناس، لا يباح له الاستفادة من الرخص الشرعية كيلا يعان على المعصية، فلا تحل الميتة للمسافر العاصي بسفره إذا اضطر إلى أكلها لحفظ حياته، إلا أن يتوب ويقلع عن المعصية فيحل له الأكل منها، وذلك لأنه قادر على استباحة الميتة بالتوبة.
[3] وذلك أن أبا بكر لما حلف أن لا ينفق عليه، ولا ينفعه بنافعة أبدًا، جاء مسطح، فاعتذر، وقال: " إنما كنت أغشى مجالس حسان، فأسمع، ولا أقول ".
[4] وذلك حين نزل قوله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] وفيه ترغيب عظيم في العفو، ووعد كريم بمقابلته، كأنه قيل: {أَلا تحِبّونَ أن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}؟ فهذا من موجباته، وصح أن أبا بكر رضي الله عنه لما سمع الآية قال: " بلى والله يا ربنا! إنا لنحب أن تغفر لنا "، وأعاد له نفقته.
(5) " محاسن التأويل " (12/ 4500).
اسم الکتاب : الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست