responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 302
يَخْدِمُونَ، وَأَهْلٍ يُكْرِمُونَ، وَجِيرَانٍ يَعْضُدُونَ، فَإِذَا مَرَرْتَ فَنَادِهِمْ إِنْ كُنْتَ مُنَادِيًا، وَادْعُهُمْ إِنْ كُنْتَ لَابُدَّ دَاعِيًا، وَمُرَّ بِعَسْكَرِهِمْ، وَانْظُرْ إِلَى تَقَارُبِ مَنَازِلِهِمُ الَّتِي كَانَ بِهَا عَيْشُهُمْ، وَسَلْ غَنِيَّهُمْ مَا بَقِيَ مِنْ غِنَاهُ، وَسَلْ فَقِيرَهُمْ مَا بَقِيَ مِنْ فَقْرِهِ، وَسَلْهُمْ عَنِ الْأَلْسُنِ الَّتِي كَانُوا بِهَا يَتَكَلَّمُونَ، وَعَنِ الْأَعْيُنِ الَّتِي كَانَتْ إِلَى اللَّذَّاتِ بِهَا يَنْظُرُونَ، وَسَلْهُمْ عَنِ الْجُلُودِ الرَّقِيقَةِ، وَالْوُجُوهِ الْحَسَنَةِ، وَالْأَجْسَادِ النَّاعِمَةِ، مَا صَنَعَ بِهَا الدِّيدَانُ، مَحَتِ الْأَلْوَانَ، وَأَكَلَتِ اللُّحْمَانَ، وَعَفَرَتِ الْوجُوهَ، وَمَحَتِ الْمَحَاسِنَ، وَكَسَرَتِ الْفِقَارَ، وَأَبَانَتِ الْأَعْضَاءَ، وَمَزَّقَتِ الْأَشْلَاءَ، وَأَيْنَ حِجَالُهُمْ وَقِبَابُهُمْ، وَأَيْنَ خَدَمُهُمْ وَعَبِيدُهُمْ، وَجَمْعُهُمْ وَمَكْنُوزُهُمْ، وَاللَّهِ مَا زَوَّدُوهُمْ فِرَاشًا، وَلَا وَضَعُوا هُنَاكَ مُتَّكَأً، وَلَا غَرَسُوا لَهُمْ شَجَرًا، وَلَا أَنْزَلُوهُمْ مِنَ اللَّحْدِ قَرَارًا، أَلَيْسُوا فِي مَنَازِلِ الْخَلَوَاتِ وَالْفَلَوَاتِ؟ أَلَيْسَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ؟ أَلَيْسَ هُمْ فِي مُدْلَهَمَّةٍ ظَلْمَاءَ، قَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَمَلِ، وَفَارَقُوا الْأَحِبَّةَ؟ فَكَمْ مِنْ نَاعِمٍ وَنَاعِمَةٍ أَصْبَحُوا وَوُجُوهُهُمْ بَالِيَةٌ، وَأَجْسَادُهُمْ مِنْ أَعْنَاقِهِمْ نَائِيَةٌ، وَأَوْصَالُهُمْ مُمَزَّقَةٌ، قَدْ سَالَتِ الْحِدَقُ عَلَى الْوَجَنَاتِ، وَامْتَلَأَتِ الْأَفْوَاهُ دَمًا وَصَدِيدًا، وَدَبَّتْ دَوَابُّ الْأَرْضِ فِي أَجْسَادِهِمْ، فَفَرَّقَتْ أَعْضَاءَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثُوا وَاللَّهِ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى عَادَتِ الْعِظَامُ رَمِيمًا، قَدْ فَارَقُوا الْحَدَائِقَ، فَصَارُوا بَعْدَ السَّعَةِ إِلَى الْمَضَايِقِ، قَدْ تَزَوَّجَتْ نِسَاؤُهُمْ، وَتَرَدَّدَتْ فِي الطُّرُقِ أَبْنَاؤُهُمْ، وَتَوَزَّعَتِ الْقَرَابَاتُ دِيَارَهُمْ وَتُرَاثَهُمْ، فَمِنْهُمُ وَاللَّهِ الْمُوسَّعُ لَهُ فِي قَبْرِهِ، الْغَضُّ النَّاضِرُ فِيهِ، الْمُتَنَعِّمُ بِلَذَّتِهِ، يَا سَاكِنَ الْقَبْرِ غَدًا مَا الَّذِي غَرَّكَ مِنَ الدُّنْيَا؟ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَبْقَى أَوْ تَبْقَى لَكَ؟ أَيْنَ دَارُكَ الْفَيْحَاءُ، وَنَهَرُكَ الْمُطَّرِدُ؟ وَأَيْنَ ثَمَرُكَ النَّاضِرُ يَنْعُهُ؟ وَأَيْنَ رِقَاقُ ثِيَابِكَ؟ وَأَيْنَ طِيبُكَ؟ وَأَيْنَ بُخُورُكَ؟ وَأَيْنَ كَسَوَتُكَ لِصَيْفِكَ وَشِتَائِكَ؟ أَمَا رَأَيْتَهُ قَدْ نَزَلَ بِهِ الْأَمْرُ فَمَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَجَلًا؟ وَهُوَ يَرْشَحُ عَرَقًا، وَيَتَلَمَّظُ عَطَشًا، يَتَقَلَّبُ مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَغَمَرَاتِهِ، جَاءَ الْأَمْرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَجَاءَ غَالِبُ الْقَدَرِ وَالْقَضَاءِ، جَاءَ مِنَ الْأَمْرِ وَالْأَجَلِ مَا لَا تَمْتَنِعُ مِنْهُ، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَا مُغْمِضَ الْوَالِدِ وَالْأَخِ وَالْوَلَدِ، وَغَاسِلَهُ يَا مُكَفِّنَ الْمَيِّتِ وَحَامِلَهُ، يَا مُخْلِيَهُ فِي الْقَبْرِ، وَرَاجِعًا عَنْهُ، لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ كُنْتَ عَلَى خُشُونَةِ الثَّرَى، يَا لَيْتَ شِعْرِي بِأَيِّ

اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست