اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 301
يخرجنه قال في المصباح خدشته خدشاً جرحته في ظاهر الجلد (حتى يفضي به إلى الحساب) أي حتى يصل إلى يوم القيامة والإفضاء الوصول. قال في المصباح: أفضيت إلى الشيء وصلت إليه (إنما القبر روضة من رياض الجنة) حقيقة لما يتحف المؤمن به من الريحان وأزهار الجنان أو مجازاً عن خفة السؤال على المؤمن وأمنه وراحته وسعته كما يقال فلان في الجنة إذا كان عيشه رغداً (أو حفرة من حفر النار) حقيقة أو مجازاً على ما تقرر فيما قبله والقبر واحد القبور. قال في المختار: وهو مما أكرم به بنو آدم وقال الزمخشري: تقول نقلوا من القصور إلى القبور ومن المنابر إلى المقابر والخفرة قال في الصحاح بالضم واحدة الحفر. وقال الزمخشري: حفر النهر بالمحفار واحتفره ودلوه في الحفرة والحفيرة وهو القبر <تنبيه> ظاهر هذا الخبر أن عذاب القبر غير منقطع وفي كثير من الأخبار والآثار ما يدل على انقطاعه والظاهر اختلافه باختلاف الأشخاص.
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَيَّعَ جَنَازَةً، فَلَمَّا انْصَرَفُوا تَأَخَّرَ عُمَرُ وَأَصْحَابُهُ نَاحِيَةً عَنِ الْجَنَازَةِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جَنَازَةٌ أَنْتَ وَلِيُّهَا تَأَخَّرْتَ عَنْهَا فَتَرَكْتَهَا وَتَرَكْتَنَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، نَادَانِي الْقَبْرُ مِنْ خَلْفِي، يَا عُمَرُ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَلَا تَسْأَلُنِي مَا صَنَعْتُ بِالْأَحِبَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: خَرَّقْتُ الْأَكْفَانَ، وَمَزَّقْتُ الْأَبْدَانَ، وَمَصَصْتُ الدَّمَ، وَأَكَلْتُ اللَّحْمَ، أَلَا تَسْأَلُنِي مَا صَنَعْتُ بِالْأَوْصَالِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: نَزَعْتُ الْكَفَّيْنِ مِنَ الذِّرَاعَيْنِ، وَالذِّرَاعَيْنِ مِنَ الْعَضُدَيْنِ، وَالْعَضُدَيْنِ مِنَ الْكَتِفَيْنِ، وَالْوَرِكَيْنِ مِنَ الْفَخِذَيْنِ، وَالْفَخِذَيْنِ مِنَ الرُّكْبَتَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ مِنَ السَّاقَيْنِ، وَالسَّاقَيْنِ مِنَ الْقَدَمَيْنِ، ثُمَّ بَكَى عُمَرُ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا بَقَاؤُهَا قَلِيلٌ، وَعَزِيزُهَا ذَلِيلٌ، وَغَنِيُّهَا فَقِيرٌ، وَشَبَابُهَا يَهْرَمُ، وَحَيُّهَا يَمُوتُ، فَلَا يَغُرَّنَّكُمْ إِقْبَالُهَا مَعَ مَعْرِفَتِكُمْ بِسُرْعَةِ إِدْبَارِهَا، وَالْمَغْرُورُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا، أَيْنَ سُكَّانُهَا الَّذِينَ بَنَوْا مَدَائِنَهَا، وَشَقَّقُوا أَنْهَارَهَا، وَغَرَسُوا أَشْجَارَهَا، وَأَقَامُوا فِيهَا أَيَّامًا يَسِيرَةً، غِرَّتْهُمْ بِصِحَّتِهِمْ، وَغُرُّوا بِنَشَاطِهِمْ، فَرَكِبُوا الْمَعَاصِيَ، إِنَّهُمْ كَانُوا وَاللَّهِ فِي الدُّنْيَا مَغْبُوطِينَ بِالْأَمْوَالِ عَلَى كَثْرَةِ الْمَنْعِ عَلَيْهِ، مَحْسُودِينَ عَلَى جَمْعِهِ، مَا صَنَعَ التُّرَابُ بِأَبْدَانِهِمْ، وَالرَّمْلُ بِأَجْسَادِهِمْ، وَالدِّيدَانُ بِعِظَامِهِمْ وَأَوْصَالِهِمْ، كَانُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى أَسِرَّةٍ مُمَهَّدَةٍ، وَفُرُشٍ مُنَضَّدَةٍ، بَيْنَ خَدَمٍ
اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 301