اسم الکتاب : الخطب المنبرية المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 40
أبيهم إبراهيم بإهراق الدماء في هذا اليوم العظيم، فإن الله ابتلاه بأن أمره يذبح ولده، وفلذة كبده، ليسلم قلبه لله، ولا يكون فيه شركة لسواه، فإن العباد لذلك خلقوا، وبه أمروا؛ فامتثل أمر ربه طائعا، وخرج بابنه مسارعا.
وقال: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [1]، لا متوقفا ولا متفكرا. فاستسلما جميعا للقضاء المحتوم، وسلما أمرهما للحي القيوم. فلما تله للجبين، وأهوى إلى حلقه بالسكين، أدركته رحمة أرحم الراحمين، ونودي: {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ} [2]. وأتي بكبش من الجنة فذبحه فداء ولده. فأحيا نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم هذه السنة وعظمها، فأهدى في حجته مائة بدنة، وضحى في المدينة بكبشين أملحين أقرنين، أحدهما عن محمد وآل محمد، والآخر عن أمة محمد. فبادروا رحمكم الله إلى إحياء سنن المصطفين الأخيار، ولا تكونوا ممن بخل وآثر كنْز الدرهم والدينار، على طاعة الملك الغفار. فأكثر العلماء على أنها مستحبة، وبعضهم يرى الوجوب مع اليسار. وأفضلها أكرمها وأسمنها وأغلاها، وتجزي الشاة عن الرجل وأهل بيته، والبدنة عن سبع شياه.
والمجزي من الضأن ما تم له ستة أشهر، ومن الإبل ما تم له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن المعز ما تم له سنة. ولا تجزي العوراء البين عورها، ولا العرجاء البين ظلعها، ولا المريضة البين مرضها، ولا الهزيلة التي لا تنقي، ولا العضباء التي قطع أكثر أذنها أو قرنها. وتنحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى يطعنها في وهدتها قائلا: بسم الله الله أكبر، [1] سورة الصافات آية: 102. [2] سورة آية: 105-106.
اسم الکتاب : الخطب المنبرية المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 40