«وكل مما يليك» قال عمر: فما زالت تلك طِعمتي بعد. أي: صفة طعامي, فعُلم من هذا أن الأكل مما يلي الإنسان، إذا كان الطعام واحداً واجب, ولأن الأكل مِمَّا يلي الآخرين فيه أذية وشره ونهم, ويكفي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر به, أما إذا كان الطعام متنوعاً, فلا بأس من تخطي الطعام الأول إلى الثاني, ونقول أيضاً: إن كان الطعام الثاني في صحن فكل مما يليك أيضاً, ولا تذهب إلى ما يلي الشخص الآخر, ونقول أيضاً: أنه إذا كان الإناء يسيراً فلا بأس أن تأكل من أي جهة إذا كان متنوعاً، والأواني في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت القصعة وهي تكفي لقليل من الناس وأكبر منها الصحفة وأكبر من ذلك الجفنة وهي عظيمة.
قال المؤلف: (ولا يأكل من ذروة الطعام ولكن من جوانبه)
وهذا أيضا من الآداب, والمعلوم عند أهل العلم أن هذا الأدب مستحب, وأصله ما رواه أهل السنن, وأصح إسنادٍ لهذا ما جاء عند أبي داود من حديث شعبة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصحفة, ولكن ليأكل من أسفلها فإن البركة تنزل من أعلاها» (1)
(1) أخرجه أبو داود (رقم: 3774).