اسم الکتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 609
قهرًا واضطرارًا. لينال هو الآخر أجر الطاعة، وليسلم هو الآخر ويتذوق حلاوة التسليم!
جاء الابتلاء في صورة يمكن أن يدخل الشيطان منها وهي أنها لم تكن وحيًا مباشرًا ـ أتاه جبريل مثلًا ـ وإنما رأي في المنام ولكن رؤيا الأنبياء وحي، وهذا وحي من الله - عز وجل -.
• تربية ونعمت التربية:
ولم يتشكك إبراهيم وإنما تلطف في عرض الأمر علي ولده ليكون فعله صادرًا عن اقتناع وعن طواعية في الحقيقة لم يُرِدْ أن يذبحه مباشرة، هو سينفذ الأمر سواء قبِلَ الولد أم لم يقبل، لكنه يريد أن يُثَابَ الولدُ؛ لذا قال: {يَا بُنَيَّ}، جلس معه وخاطبه بهذه اللفظة: {يَا بُنَيَّ} يعني يا ابني الصغير، يذَكِّره بأنه لم يَنْس رابطة البنوة التي تربطه به، أنا أبوك وأنت ابني، ومع ذلك إني أري في المنام أني أذبحك لكي لا يظن الابن أن ذلك ينافي الشفقة أو نسيان العلاقة.
لا ليس كذلك، هو متذكر تمامًا أنه ابنه يتلطف معه لكي يصدر الأمر عن رضًا وسماحة نفس؛ فالنفس إذا أدتْ ما كُلّفَت به عن سماحة وطيب نفس كان ذلك أزكي وأكثر في الثواب ومقبولًا عند الله. أما الذي يستخرج الطاعة من بين أضراسه فهذا طاعته ناقصة.
فإبراهيم - عليه السلام - يعلمنا من خلال هذه الوسيلة التربوية الرائعة كيفية توجيه الأبناء ينبغي أن يكون بالمجالسة وبالملاطفة وبالنصيحة المباشرة وبأخذ الفترة المناسبة لكي يقع الأمر طواعية وكما أمرنا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في أمر العبادات فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» (صحيح رواه أبو داود).
اسم الکتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 609