اسم الکتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 442
لا يُقبل العملُ ولا يزكو إلاَّ بأكل الحلال:
في هذا الحديث إشارةٌ إلى أنَّه لا يُقبلُ العملُ ولا يزكو إلاَّ بأكل الحلال، وإنَّ أكل الحرام يفسد العمل، ويمنع قبولَه، فإنَّه بعد تقريره: «إنَّ الله طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلاَّ طيِّبًا» قال: وإنَّ اللهَ تَعَالَى أمَرَ الْمُؤْمِنَينَ بِمَا أمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} (المؤمنون:51) وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (البقرة:172).
والمراد بهذا أنَّ الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال، وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالًا، فالعملُ صالح مقبولٌ، فإذا كان الأكلُ غير حلالٍ، فكيف يكون العمل مقبولًا؟
وما ذكره بعد ذَلِكَ من الدعاء، وأنَّه كيف يتقبل مع الحرام، فهوَ مثالٌ لاستبعاد قَبُولِ الأعمال مع التغذية بالحرام.
ولقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يحرصون أشد الحرص على أن يأكلوا من الحلال ويبتعدوا عن الحرام، فعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنه - قَالَتْ: كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ (أي يأتيه بما يكسبه والخراج ما يقرره السيد على عبده من مال يحضره له من كسبه).وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ.
فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ، إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ».
فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ (أي أدخلها في حلقه) فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ». (رواه البخاري).
وفي رواية لأبي نُعيم في الحلية وأحمد في الزهد: «فقيل له: يرحمك الله كلُّ هذا من أجل هذه اللقمة؟ قال: لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتُها، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -
اسم الکتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 442