تمره"، فقال: "أتعرفه؟ "، قال: "نعم"، فالتفت الحارث إلى الصبيان يلعبون، وقال: "أهذا الشيخ مسلم؟ " قالوا: "نعم"، فمرَّ وتركه، فتبعه التمار حتى قبض عليه، وقال له: "والله ما تنفلت من يدي حتى تقول لي ما في نفسك مني"، فقال: "يا شيخ! إن كنت مسلمًا. فاطلب صاحب التمرات حتى تتخلص من تبعته كما تطلب الماء إذا كنت عطشانَ شديد العطش، يا شيخ! تطعم أولاد المسلمين السخت وأنت مسلم؟ "، فقال الشيخ: "والله لا اتجرت للدنيا أبدًا".
* وقال عبد الرحمن بن محمد صاحب كتاب "صفة الأولياء": حدثني محمد بن إبراهيم النيسابوري بإسناده أن فتحًا الموْصِلي رحمه الله قال: (خرجت أريد الحج، فلما توسطتُ البادية إذا غلام صغير لم تجر عليه الأحكام، فقلت له: "إلى أين؟ "، فقال: "إلى بيت ربى"، قلت: "إنك صغير لم تجر عليك الأحكام"، فقال: "لقد رأيتُ أصغر مني مات"، فقلتُ: "إن خَطْوَكَ قصير"، قال: "عليَّ الخَطْوُ، وعليه التبليغُ إن شاء، ألم تسمع قولَهُ تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلَنَا}؟ " قلتُ: "لا أرى معك زادًا"، قال: "زادي في قلبي اليقين، حيثما كنتُ أيقنت أن الله يرزقُني"، قلت: "إنما أردتُ أنك تتزود الخبز والماء"، قال: "ما اسمُك؟ "، قلتُ: "فتحٌ"، قال: "يا فتح، أسألك"، قلت: "سَلْ"، قال: "أرأيت لو أن أخًا لك من أهل الدنيا دعاك إلى منزله، أما كنت تستحي أن تحمل معك طعامًا لتأكله في منزله؟ "، قلت: "بلى"، قال: "فإن مولاي دعاني إلى بيته، فهو يطيعمني ويسقيني"، قال فتح: