* تقدم إياس بن معاوية [1] وهو صبي إلى قاضي دمشق، ومعه شيخ، فقال: "أصلح الله القاضي، هذا الشيخ ظلمني، واعتدى عليَّ، وأخذ مالي"، فقال القاضي: "ارفِق به، ولا تستقبل الشيخ بهذا الكلام"، فقال إياس: "أصلح الله القاضي، إن الحقَّ أكبر مني ومنه ومنك"، قال: "اسكت"، قال: "إن سَكَتُّ فمن يقوم بحجتي؟ "، قال: "تكلم فوالله ما تتكلم بخير"، فقال: "لا إله إلا الله وحده، لا شريك له"، فرفع صاحبُ الخبر هذا الخبر إلى الخليفة، فعزل القاضي، وولَّى إياس مكانه.
وأُدخل على الرشيد صبي له أربع سنين، فقال له: "ما تحب أن أهب لك؟ " قال: "حُسْنَ رأيك".
* وحكى ابن الجوزي أن المعتصم ركب إلى خاقان يعوده، والفتحُ صبي يومئذ، فقال له المعتصم: "أيُّما أحسنُ: دارُ أمير المؤمنين أو دار أبيك؟ " قال: "إذا كان أمير المؤمنين في دار أبي، فدارُ أبي أحسن"، فأراه فصًّا في يده، فقال: "هل رأيت يا فتحُ أحسنَ من هذا الفصِّ؟ " قال: "نعم، اليدُ التي هو فيها".
* ومر "الحارث المحاسبي" وهو صبي بصبيان يلعبون على باب رجل تَمَّار، فوقف الحارث ينظر إلى لعبهم، وخرج صاحب الدار ومعه تمرات، فقال للحارث: "كل هذه التمرات"، قال الحارث: "ما خبرك فيها؟ "، قال: "إني بعتُ الساعة تمرًا من رجل فسقطت من [1] قاضي البصرة العلامة أبو واثلة، كان يُضرب به المثل في الذكاء والدهاء والسؤدد والعقل، وقد استوعب الإمام المِزِّىُّ أخباره في "التهذيب".