ويُحْسِنُ في ذات الإله إذا رأى ... مصيمًا لأهل الحق لا يسأم البلا
وإخوانه الأدنون: كل موفق ... بصيرٍ بأمر الله يسمو إلى العلا
وحكى ابن القيم رحمه الله بعض ما استفاده من ملاحظة شيخ الِإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فقال: (وعلم الله ما رأيت أحدًا أطيب عيشًا منه قط مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، وما كان فيه من الحبس والتهديد والِإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشًا وأشرحهم صدرًا، وأقواهم قلبًا، وأسرهم نفسًا، تلوح نضرة النعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحًا وقوة ويقينًا وطمأنينة) [1] اهـ.
وإذا أردت أن تلمس أثر الصحبة العالية الهمة في التسابق إلى الخيرات، فتأمل ما قاله محمد بن على السلمي رحمه الله: "قمت ليلة سحرًا لآخذ النوبة على ابن الأخرم، فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئًا، ولم تدركني النوبة إلى العصر".
وقال عليُّ بن الحسين بن شقيق: "قمت لأخرج مع ابن المبارك فِي ليلة باردة من السجد، فذاكرني عند الباب بحديث، أو ذاكرته، فمازلنا نتذاكر حتى جاء المؤذن للصبح".
وهذا الشاعر "محمد إقبال" يدعو الله أن يمنَّ عليه بصاحب عالي الهمة:
هب نَجيًّا يا ولي النعمةِ ... محرمًا يدرك ما في فطرتي
(1) "الوابل الصيب" ص (76).