وتزرع في الأجيال ازدراء النفس، وتعمق فيها احتقار الذات، والشعور بالدونية، كقول بعض الصوفية: "الفقر هو الذي يأكله القمل، ولا يكون له ظفر يحك به نفسه"، وقولِ ثانٍ: "الصوفي: من يرى دمه هدرًا، وملكه مباحًا"، وقولِ ثالث: إنه ما سُرَّ في إسلامه إلا ثلاث مرات: "كنت في سفينة، فلم أجد أحقر مني فيها، وكنت مريضًا في المسجد، فجرَّني المؤذن إلى خارجه، وكان عليَّ فرو فنظرت فيه، فلم أميز بين شعره، وبين القمل من كثرته"!
ومن ذلك: منهج بعض الصوفية في الإعراض عن علوم القرآن والسنة، وترهيب مريديهم من طلب العلم الشرعي حتى سقط من كُمِّ أحدهم يومًا قلم كان يخفيه، خشية أن يُفتضح بينهم بطلب العلم، فقال له شيخه: "استر عورتك"،
وروى ابن الجوزي عن جعفر الخالدي قال: (لو تركني الصوفية لجئتكم بأسانيد الدنيا، لقد مضيت إلى عباس وأنا أحدث، فكتبت عنه مجلسًا واحدًا، وخوجت من عنده، فلقيني بعض من كنت أصحبه من الصوفية، فقال: "إيش هذا معك"؟ فأريته إياه، فقال: "ويحك تدع علم الخِرَق، وتأخذ علم الورق، ثم مزَّق الأوراق، فدخل كلامه في قلبي، فلم أعد إلى عباس".
وأخطر منها وأضر المناهج التربوية والتعليمية التي ارتضت العالمانية دينًا، فراحت تسمم آبار المعرفة التي يستقي منها شباب المسلمين، لتخرج أجيالًا مقطوعة الصلة بالله، تبتغى العزة في التمسح على أعتاب الغرب، وتأنف من الانتساب إلى الإسلام.