من المطالعة، فإنه يرى من علوم القوم وعلو هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة .. فالله الله وعليكم بملاحظة سير السلف، ومطالعة تصانيفهم، وأخبارهم، فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم، كما قيل:
فاتني أن أرى الديار بطرفي ... فلعلي أرى الديار بسمعي
وإني أخبر عن حالي: ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابًا لم أره فكأني وقعت على كنز.
ولقد نظرت في ثبت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية، فإذا به يحتوي على ستة آلاف مجلد، وفي ثبت كتب أبي حنيفة، وكتب الحميدى، وكتب شيخنا عبد الوهاب بن ناصر، وكتب أبي محمد بن الخشاب، وكانت أحمالًا، وغير ذلك من كل كتاب أقدر عليه.
ولو قلت: إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر، وأنا بعدُ في الطلب.
فاستفدت بالنظر فيها من ملاحظة سير القوم وقدر هممهم وحفظهم وعبادتهم وغرائب علومهم ما لا يعرفه من لم يطالع.
فصرت استزري ما الناس فيه، وأحتقر همم الطلاب، ولله الحمد). ومع ما في الكتب من المنافع العميمة والمفاخر العظيمة، فهي أكرم مال، وأنفس جمال، والكتاب آمَنُ جليس، وأسر أنيس، وأسلم نديم، وأفصح عليم،
ولذلك حرص العلماء على جمع الكتب والنظر فيها:
فهذا ابن حجر -رحمه الله - يقول عن ابن القيم في كتابه "الدرر الكامنة": "وكان مغرى بجمع الكتب فحَصَّل منها ما لا يحصى، حتى