(3) عُلُوُّ هِمَّتِهِم فِي الرِّحْلَةِ لطِلَب العِلْمِ
قال البخاري -رحمه الله-: "ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد"، ورحل أبو أيوب الأنصاري من المدينة إلى عقبة بن نافع وهو في مصر ليروي عنه حديثًا، فقدم مصر، ونزل عن راحلته، ولم يحل رحلها، فسمع منه الحديث، وركب راحلته، وقفل إلى المدينة راجعًا.
وقال مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيَّب قال: "كنتُ أرحَلُ الأيامَ والليالَي في طلبِ الحديثِ الواحد".
وقال أبو العالية رُفَيْع بن مِهْران الرّياحي البصري:
"كنا نَسمَعُ الرواية عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بالبصرة، فما نَرَضى حتى نركب إلى المدينة فنَسمَعُها من أفْواههم":
وقال الحافظ ابن كثير في ترجمة الإمام البخاري -رحمه الله-: (رحَلَ إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنَتْه الراحلةُ إليها. وكتَبَ عن أكثر من ألف شيخ، قال الفِرَبْرِي: سَمِعَ "الصحيحَ" من البخاري معي نحوٌ من سبعين ألفًا، لم يبق منهم أحد غيري).
ورُوي عن الرازيِّ ما يُدهش اللب، من علو همته في الرحلة لتحصيل العلم إذ قال:
"أول ما رحلت أقمت سبع سنين، ومشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، ثم تركت العدد، وخرجت من البحرين إلى مصر ماشيًا،