والله يحب المطهرين}، وقال سبحانه: {يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} الآيات، وقال -عز وجل-: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدَّلوا تبديلًا}.
* ومنها: أنه أمر المؤمنين بالهمة العالية، والتنافس في الخيرات، فقال -عز وجل-: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم} الآية، وقال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين}، وقال سبحانه: {فاستبقوا الخيرات}، وقال: {ففروا إلى الله}، وقال: {لمثل هذا فليعمل العاملون}، وقال: {وفي ذلك فليتنافس [1] المتنافسون}، وامتدح أولياء بأنهم {يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}.
وقال تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلًّا وعد الله الحسنى، وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرًا عظيمًا} [2]. [1] فهذا التنافس المأمور به محمود، أما التنافس الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ولا تنافسوا" فهو التنافس المذموم على الدنيا وحُطامها، وانظر ص (118، 119). [2] مع أن من المعلوم أن القاعد بغير عذر والمجاهد لا يستويان، إلا أنه سبحانه نبه بنفي الاستواء ليذكر المؤمنين بما بينهما من التفاوت العظيم، ليأنف القاعد، ويترفع بنفسه عن انحطاط منزلته، فيهتز للجهاد ويرغب فيه، وفي ارتفاع طبقته، ونحوه قوله تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} أريد به التحريك من حمية الجاهل وأنفته ليُهابَ به إلى التعلم، ولينهض بنفسه عن صفة الجهل إلى شرف العلم - أفاده الزمخشري-.