responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 185
الأخبار، ويعدون نفوسهم للتضحية الكبرى في سبيل المبدأ القويم والغاية السامية، كدأب المسلمين في كل عصر وآن.
وكان «قصر الخضراء»، مثوى الخلافة وسرة الأرض، في حركة دائمة؛ فمن مجلس يُجمع للشورى، إلى ألوية تُعقد للدفاع. وكذلك كان قصر «مستشار الدولة»، رَوح بن زنباع، الذي أمّه كليب المعلم الشاب صبيحة وصوله إلى دمشق، يقوده إليه زعيم الجند الذين أنقذهم كليب وأعانهم على عدوهم، ليلقى عند روح جزاءه.
وكان قصر روح قائماً في ظل المسجد دانياً من باب الفراديس، يجري من تحته بردى متوارياً في حِمى القصر ثم يظهر كرة أخرى، يتحدر ويهدر هديراً سائغاً عذباً وسط جنة دانية القطوف متشابكة الأفنان، قد اتخذ فيها مجلساً يقوم على سيقان من خشب الجوز المنقوش، منغمسة في بردى تغسلها أمواهه دائماً وتداعبها أمواجه الصغيرة، فتقرصها ثم ترتد عنها ضاحكة مقهقهة، وسماء هذا المجلس أغصان الأشجار قد تعاطفت وتعانقت يزينها الياسمين بزهره الناعم العطر، وحول هذا المجلس إطار من الورد والنسرين والنرجس والبنفسج، فهو جنة تنعم فيها العين بهذه الأزاهير المؤتلفة الألوان المختلفة الأشكال، تتمايل وتتهادى حين يسمها هذا النسيم الرخي، فيفوح من أعطافها هذا الشذا الطيب الذي ينعم الأنف برياه، كنعيم الأذن بهذه (الأوركسترا) الإلهية التي تعزف ألحان الفطرة الجميلة الساحرة على حناجر البلابل والشحارير، وبردى فوق هذا كله يغني لحنه

اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست