responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 182
وسحرها، ثم لا يجن بها جنوناً؟ وهل عدّ العرب الغوطة إحدى الروائع الأربع في متحف الطبيعة إلا بعد نظر وفكر؟
كان كليب سابحاً في أحلامه وهو أشد ما يكون بها استمتاعاً حينما ارتفع هذا الغبار من ناحية الشرق عالياً عريضاً، راع القافلة فوقفت تنظر إليه مذعورة. فجفا أحلامَه ووقف مع القافلة ينظر، فإذا الغبار يعلو، ثم تضربه الرياح فيتفرق، ثم يعود فيجتمع.
ويفزع رجال القافلة الكبيرة ويظنون الظنون، ويصغي كليب إلى حديثهم فيفهم منهم أنهم لا يدرون ماذا يُراد بهم ولا يعلمون ما هذا الغبار، ويوغلون في الحديث ويتشقق بينهم، فيكشف لكليب عن أشياء كثيرة لم يكن يعرفها وهو في قريته العالية. يعلم كليب أن الدولة في أزمة من هذه الأزمات الخطرة التي تعرفها الدول حين تعصف بها عواصف الانقسام والحرب الداخلية، وأن عبد الملك قلق مُسهَد لا ينام الليل إلا لماماً، فإذا هجع رأى شبح ابن الزبير ينقضُّ عليه فقام مرتاعاً، يخشى أن ينتزع منه الشام ومصر كما انتزع الجزيرة كلها والعراق وخراسان وصار الحاكم المطاع في شرق البلاد وجنوبها، وطالت مدته وامتد حكمه.
ثم تنقطع أحاديث القوم، وينظرون إلى الغبار الداني وسيوفهم في أيديهم، ومقاتلتهم أمامهم مستعدون للقتال، فينشقّ الغبار عن الراية الأموية التي يبعث مشهدها الطمأنينة في نفوسهم، ويخرج من تحته بضع مئات من جند الشام، يخالطون القافلة الكبيرة ويكشفون أمرهم على عجل، فيعلم رجال القافلة أنهم حيال فرقة من حرس الصحراء خرجت من دمشق منذ أسبوع لتجول في هذه

اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست