اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي الجزء : 1 صفحة : 109
هيلانة ولويس
كل شيء ساكن سكون الموت، مظلم ظلمة القبر!
ولقد أسدل الليل فروعه السود، فغطى على المعركة اللافحة الأُوار [1]، وأخفى هذه الساحة المفروشة بالجثث، وهذه الأصلاد [2] المصبَّغة بالدم، وأرخى الستار على مشهد من أروع مشاهد المأساة التي يمثلها الإنسان أبداً على مسرح الوجود فيلبس فيها جلد الذئب وأظفار السبع وأنياب الثعبان ... فسقط جنود المعسكرين صرعى الجهد والكَلال، وهجعوا كالقتلى لا يحسون ولا يحلمون، وأمست خيامهم ومنازلهم جامدة لا حياة فيها كهذه الصخور الصم التي تحيط بها من كل جانب.
وتلك هي الحرب: آفة الحياة، وعار الإنسانية! تلك هي الحرب: تتفجر الأذهان بالعلوم والمعارف، وتنفرج الأيدي عن [1] الأُوار هو حر الشمس والنار، أو هو اللهب نفسه (مجاهد). [2] جمع صَلد، وهي الأرض التي لا تُنبت شيئاً، أو هي الصخرة العريضة الملساء، وفي القرآن {فأصَابَهُ وابِلٌ فتَرَكَهُ صَلْداً} (مجاهد).
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي الجزء : 1 صفحة : 109