responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 110
الصنائع والمصانع [1] واللطائف والزخارف، وينفق الوالدان النفس والنفيس لتنشئة الأولاد وتهذيبهم، فإذا استكمل البنون الفتوة والقوة، وأزهرت الفنون وتقدمت، وارتفعت المصانع وسمَت، وأخذت الحياة زخرفها وازّينت، جاءت الحرب فأودت بذلك كله فجعلته حصيداً كأن لم يَغْنَ بالأمس. فيا ويل الحرب! ويلٌ لها ما لم تكن دفاعاً عن شرف أو حياة أو دين!
* * *
كل شيء ساكن سكون الموت، مظلم ظلمة القبر، إلا خيمة في معسكر النصارى نائية ينبعث من شقوقها وفروجها ضوء خافت، ويُسمَع من جوفها همس ضعيف، لو أصغيت إليه لسمعت صوت امرأة تتكلم بلسان القوم وتقول لصاحبة لها: ماذا يشجيك الليلة يا هيلانة، وما الذي جدد أحزانك وهيج آلامك؟ أفزعتِ من هذه المعركة العابسة التي جئنا نخوضها ونصلى نارها دفاعاً عن «قبر ...» المسيح؟ أم هو الحزن على لويس قد خامر نفسك؟ لا تحزني يا هيلانة؛ فقد كان مقدّراً عليه هذا المصير، ولقد عرفه ومشى إليه مطمئناً راضياً، فاصبري يا أختاه، فإن لويس في السماء. ألا يسرك أنه مات في سبيل النصرانية؟ فلا تدَعي اليأس يخالط نفسك القوية في هذه الساعة التي تحتاجين فيها إلى الصبر والجلد!

[1] المصانع: المباني والآثار:
يبني الرجالَ وغيرُهُ يبني القُرى ... شَتّانَ بين مَصَانعٍ ورجَالِ
وقال لبيد: وتبقى الديارُ -بعدَنا- والمصانعُ
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 110
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست